آخر محاضرة
يجاهد ليحفظ توازن جسمه يتشبث بإحدى يديه في حديدة ناتئة في باب الترام، وفي يده الأخرى كتاب ضخم وكشكول محاضرات يكاد يقع مع كل ميل لذلك الترام المتمايل يمينا ويسارا، يأتي الكمساري يطلب التذاكر يشعر الشاب بالغيظ الشديد فأي محاولة لإدخال إحدى يديه في جيبه لإخراج النقود معناها سقوط محقق تحت عجلات الترام يحاول أن يتجاهل الكمساري ولكن الكمساري لا يتجاهله، يهتف منسي: رجل غبي.يحاول منسي ببهلوانية أن يحشر الكتاب والكشكول تحت إبطه ليُدخل أطراف أصابعه في جيبه ليخرج النقود، ولله الحمد أخرج النقود، ولكن للأسف لا يستطيع أن يرفع يده لتصل ليد الكمساري؛ لأن أي حركة معناها، أما سقوط الكتاب والكشكول أو سقوطه هو نفسه، إلا أن الكمساري تدخل في اللحظة الأخيرة واخترقت يده أطلال البشر ليتناول النقود.
وصل منسي إلى كليته مد بصره داخل المدرج يبحث عن جزء مناسب على السلم ليجلس عليه، لمح شخص يجلس على أفريز أحد نوافذ المدرج يلوح له من بعيد أنه صديقه زايد ذهب إليه، ابتدره زايد قائلا: لقد حجزت لك مكانا بجانبي.
منسي: أحسن شيء فعلته في حياتك لم يكن هناك مكان على السلم.
بدأت المحاضرة كافح منسي كفاحا مريرا ليحافظ على تركيزه حتى يئس فاستسلم لإنهاكه الجسدي وراح فيما يشبه الغيبوبة، انتفض على إثر ضربة من زايد، اصح الدكتور يملّي الملغي خطف منسي قلم من جيب أحد الزملاء وأخذ يكتب كل ما يصل لسمعه.
والتفت الأستاذ وتحدث بصيغة تحمل نبرة تهديد : (احذر من المذاكرة من المحاضرات فقط يجب الاعتماد على الكتاب أيضا) وخرج الأستاذ مسرعا هاربا من أسئلة الطلاب بشأن الامتحان.
اتجه منسي إلى مبنى شئون الطلاب لاستلام رقم الجلوس وجد طابور طويل يتحرك ببطء وقف في مؤخرته بدأ يستلهم روح الامتحانات ورهبتها، بدأ يسأل رفاق الطابور عن أسعار الكتب التي لم يشتريها بعد والمذكرات والملخصات.
بعد وقت طويل من الشرود الذي لا يقطعه إلا تحرك بطيء نحو الشباك حتى اقترب منه، وبدأ يرى الموظف وبجانبه مذياع صغير، تسلل إلى شعور منسي إحساس مخيف بأنه لن يجد اسمه في السجلات، لم يعرف سبب ذلك الشعور ولكنه لم يستطع دفعه عن مخيلته، تحرك الطابور قليلا واقترب صوت المذياع سمع منسي الإعلان إياه خرج من صدره زفيرا عاليا لم ينجح في التخفيف عما يعتلج بصدره من مخاوف وهموم تحركت شفتاه رغما عنه: لو لم تنس أمي الحبة.
__________________
تعليقات
إرسال تعليق