برامج التنمية البشرية المترجمة هل هي صالحة للبيئة العربية ؟

من خلال تجربتي الذاتية مع محاولات تطبيق برامج التنمية البشرية في حياتي الشخصية و الاسرية
استشعرت نجاحا احيانا
و فشل احيانا
و غربة نفسية و اجتماعية و ضيق نفسي احيانا
برامج التنمية البشرية المترجمة هل هي صالحة للبيئة العربية ؟

معظم ما هو موجود في منتديات التنمية البشرية و كتبها و قناة اسمارتس واي هو عبارة عن افكار و برامج منقولة عن مجتمعات غربية اما نقلت بشكل الترجمة المباشرة
او حتى بلغاتها الاصلية كما هو موجود بمنتدانا في عدد من موضوعاته
و احيانا في المنتديات اسلامية التوجه نجد شئ من التاصيل الاسلامي و محاولة رد بعض الافكار الموجودة بتلك البرامج الى اصول دينية من القرآن أو السيرة أو من الحديث الشريف

و بالتالي فان تلك الافكار الخاصة بالتنمية البشرية اما انها مترجمة او مطبوعة بطابع ديني ليقبلها المستهلك العربي نعم المستهلك العربي
لم اخطئ في لفظ المستهلك
بالفعل الامر تجارة رابحة و ليست رسالة الا للقليلين جدا ممن يحملونها
وصفات نجاح تقدم لاغنياء في شكل دورات بالاف الدولارات

و النجاح في معظم هذه الدورات ينحصر في كيف تحقق اعلى مبيعات او تحصل على اكبر كم من الشهادات في اقصر فترة ممكنة
كيف تزيد من قدراتك و تستثمرها الاستثمار الامثل

وصفات النجاح في تلك الدورات و الكتب و البرامج تركز على النجاح الفردي و هو من وجهة نظري الشخصية انه النجاح المستحيل في مجتمعاتنا

بلاد غرب اوربا و الولايات المتحدة بها مؤسسات مجتمع مدني قوية و حريات سياسية و وفرة مالية و فرص متوافرة و تكافؤ في الفرص و طرق محددة لبلوغ اي هدف
فطريقك ان تكون زعيما سياسيا معروف الخطوات
و طريقك لان تكون رجل اعمال معروف الخطوات
و ليس امام الفرد ان ينجح الا ان يجتهد و يسير بهمة و نشاط داخل الطرق المرسومة و المحددة من قبل ليتسابق الجميع و يصل اكثرهم جدية و ذكاء و صبر و همة و دأب و صاحب اعلى توفيق

لذلك تجد ان برامج التنمية البشرية لديهم تركز على الفرد
بينما نحن
حيث انعدام تكافء الفرص
قلة الفرص
انتشار الفقر و الجهل و المرض و الفساد السياسي و الاجتماعي و غياب القيم و ضعف الاخلاق و ضعف مؤسسات التضامن الاجتماعي و غياب مشاركة الفرد في تسيير امور مجتمعه
في ظل كل هذا اظن انه من العبث او بالاحرى من الدجل ان اقدم لك وصفة للنجاح الفردي
فلو حسنت ذاكرتك و شحذت همتك و تعلمت و اخذت خبرات فان هذا كله لن يوفر لك في افضل الاحوال افضل من فرصة عمل بالخارج او لو كنت اسعد حظا فلن تكون وكيل و مسوق جيد لتجارة الغرب و ثقافته و ادويته و استثماراته بالداخل (مندوب بشركة ادوية)
حيث ستكون قمة النجاح ان تسوق اكبر عدد من عقاقير و ادوية الغرب داخل بلادنا و ان تبيعها بالسعر الاعلى لمن يملك و ليس من وصفات النجاح في تلك الدورات ان تستطيع وقاية مجتمعك من مرض ما بواسطة عشب صحرواي موجود بمجتمعك بغير ثمن يذكر

لم تحدثنا برامج التنمية البشرية المترجمة عن اماطة الاذى عن الطريق و صلة الرحم و الاحسان الى الجار و صنع بيئة النجاح لم تحدثنا عن ضرورة ان تكون لك بطاقة انتخابية و ان تقاوم الفساد الذي يلتهم فرصك و فرص اهلك و عشيرتك في الحياه و النجاح

الهمة و النشاط وحدها لا تكفي دون المشاركة في مكافحة الفساد و الايجابية في الحياه العامة و تكتل الافراد في مجموعات لينجحوا مع بعض و لا تلتهمهم قوى الفساد في لحظة
تجاور و مربي الدواجن في مصر لم تنقصهم الهمة و الجدية و النشاط و العقلية التجارية و انما نقصهم التعاون الجماعي و المشاركة في مكافحة الفساد مما ادى ان التهمتهم ازمة انفلوانزا الطيور المصطنعة فافلسوا جميعا و لم ينجح احد

اصحاب مصانع برج العرب الذين اغلقوا مصانعهم و قللوا الانتاج لم تنقصهم المهارات الصناعية و التجارية او حتى التكنولوجية و انما نقصهم التعاون فالتهمتهم قوى الفساد

لذا من وجهة نظري قبل ان تكلمني عن الذاكرة الحديدية اوصني بالبطاقة الانتخابية

مايو 2006
محمد سعد حميده

تعليقات

التسميات

عرض المزيد