وطني في جيبي (خواطر حول نظرية الوطن المحمول)
وطني في جيبي (خواطر حول نظرية الوطن المحمول)
بواسطة محمد سعد حميده » 11/7/2007
وطني في جيبي فلن تنازعني اليه في الخلد نفسي
هاتفي المحمول عليه كل ارقام اصدقائي و احبابي و معارفي و بامكاني التواصل معهم وقتما اشاء
ذكرياتي و زهرة شبابي في صور رائعة و ايضا هي في شريحة صغيرة اضعها في جيبي و استطيع استعراضها وقتما احب
اما اذا اشتقت الى اهلي ذلك الاشتياق الذي لا يطفئه مكالمة هاتفية او رسالة على البريد الالكتروني او محادثة بالصوت و الصورة عبر الانترنت و كان لابد من اللقاء و ليس من اللقاء بد فهذا يتوقف على ما املكه من اوراق مالية اضعها في جيبي او اضع صك برصيدي في جيبي استطيع ان اسحب منه وقتما اشاء في اي مكان اشاء بشرط ان يكون هناك رصيد
فاذا توفر رصيد كاف استطيع التواصل مع من شئت من اهلي و عشيرتي و استطيع ان اجمعهم كلهم على وليمة بمناسبة موسم او عيد او ذكرى عائلية او اي مناسبة اجتماعية
و لا يزعم احد ان هذا كان يتم قديما بلا رصيد
لا
بل كان ينفق في سبيل ذلك الكثير من المال و الجهد و الوقت من تسمين و اعداد الراحلة و تخزين الزاد و اختيار الدليل و اصطحاب السلاح خوفا من قطاع الطرق و لما تقدمت الدنيا لزم انتظار (وابور الساعة 12 )
لكن لابد من بعد الاجتماع لان نفترق لان لا احد يملك او يستطيع او يطيق ان يستمر الاجتماع اكثر من اللازم
المقيم بالخارج ذو الدخل المرتفع ان كان حنانا فهو حتما محبوب و لكن من مصلحته ان يعود الى منابع المال كي يحقق رفاهيته و رفاهية اسرته و بره و مساندته لمن ضعف من اهله
و ان كان مغتربا بحثا عن حياة افضل او اقل تعاسة فوجوده وسط اهله ربما يزيد شقائه و شقائهم و يضيف الى همه و همهم
و الصديق الصدوق لن تعدم وسيلة لملاقاته
و المنزل الذي تسكنه فلا يجب ان ترتبط به ارتباطا ابديا فهو غالبا ايجار مؤقت ان زاد دخلك فستنعم بمنزل افضل و اوسع منه و ان ثبت دخلك و ارتفعت اسعار الايجارات فيجب ان تهيأ نفسك لمنزل اقل سعة و اكثر ابتعادا و ليس في هذا ما يزعج فدوام الحال من المحال
و ان كنت تملك منزلك فانت ايضا لست مضطرا للارتباط به لان هذا يفقدك الكثير
فانك ان كنت من المقتنعين بنظرية الوطن المحمول فيمكنك ان تبتاع منزلك لمن هو ليس مقتنع بهذه النظرية و تترك بيتك الكائن في شبه جزيرة (مستنقعاتيا الاتحادية ) و قد تسكن في منزل محاط بحديقة ورود في احدى المدن الجديدة و ربما تبقى معك من ثمن بيتك في مستنقعاتيا كي تملك سيارة تتجول بها حيث شئت
وفق نظرية الوطن المحمول او النقال انت اكثر حرية بشرط ان تملك الزاد و الادوات فلو انك تملك ادوات الوطن المحمول لا يعوقك عائق الا عائق الجنسية
فجنسيتك للاسف تحدد درجتك في الحياه سواء داخل وطنك الاصلي (الذي اتيت منه قبل عصر الوطن المحمول ) او في اي مكان تذهب اليه فجنسيتك تحدد درجتك المالية عند قبض المرتب و تحدد حقوقك المدنية اذا ما تم تعاملك مع مؤسسة ادارية او قضائية او تم خضوعك لحبس او اعتقال
من مميزات العصر القديم في رحاب دولة المسلمين الموحدة من غرب و وسط افريقيا الى تخوم الهند و الصين و روسيا او حتى عصر دول و دويلات الطوائف المتنازعة على السلطان و الخلافة كان ميزتها انك عبد الله في ارض الله بلا جنسية تحدد درجة انسانيتك
لكن لا بأس بأن تناضل و تجاهد من خلال ادوات وطنك المحمول كي ترفع من درجة انسانيتك او تستعيد حقوق قومك المسلوبة او حتى تقاتل لتكون كلمة الله هي العليا
و سيستمر الجهاد في سبيل الله و سيستمر الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و لكن الادوات تختلف
في تصوري انه لو كان صحابة رسول الله بيننا اليوم لما فارقوا حواسيبهم الا للصلاة و لاعتبر عثمان بن عفان رضي الله عنه افضل الجهاد ان يشتري قناة فضائية و افضل اعماله ان يجهز كتيبة واحدة من الاعلاميين المدربين المجهزين بأحدث ادوات الاتصال و لاستبدل عبادة فك الرقاب بعبادة خلق فرص عمل للشباب
الدنيا لم تتغير و الكون لم يتغير منذ خلق الله الارض حتى قيام الساعة و لكن الادوات فقط هي ما تختلف و بالتالي فان وسائل تحقيق الغايات الكبرى و موازين القوى تتغير
و يخسر كثيرا من يحارب في عصر بأدوات ليست من عصره
قد نستعير اداه لنقاتل بها من عصر سابق لعصرنا(كالحجر او السكين في انتفاضة اهلنا في فلسطين) ........ ممكن
لكن لكي ننتصر يجب ان نخضع استخدامنا لاداة من عصر مضى لقوانين و قراءات عصر حالي
الارض وضعها للانام |
فحين النظر لايجابيات عصر الوطن المحمول نرى نموذج منتديات الانترنت التي تجمع عشائر و عائلات الصومال التي تفرق ابناؤها في اطراف الارض بحثا عن الرزق لانفسهم و عائلاتهم و عشيرتهم التي ينظمون مساعدتها و وصلها و تماسكها عبر الانترنت
و بذلك نفهم ان الابن المتمرد و الابنة الشاردة و الزوجة التمنمرة و الزوج الهارب من مسؤولياته ظواهر سلبية ليست نتيجة ادوات عصر و انما نتيجة سوء استخدام ادوات العصر
لا تختلف القيم باختلاف العصور الا عند من عجز عن قراءة زمنه فاضطربت بوصلة حياته فتقوقع و انعزل و عاش في كهف كتب عليه (الزمن الجميل) او تميع و تحلل رافعا شعار (إمعة).
تعليقات
إرسال تعليق