ماذا تخسر في حياتك بسبب ضعف لغتك

بواسطة محمد سعد حميده » الأحد أغسطس 10, 2008 6:26 am
يتباهى البعض باستخدأم مصطلحات و ألفاظ اجنبية اثناء حديثه كما يتباهى بعض الشباب باستخدأم ألفاظ غريبة باعتبارها لغة شبابية تشعرهم بتميز خاص (روشنة)
كما يتجاهل الآباء ضعف قدرات ابنائهم الصغار في التعبير و يشجعونهم و بقوة اذا اجادوا النطق بكلمات انجليزية في سن مبكر (احيانا قبل سن ثلاث سنوات)
كما يتضاحك الآباء اذا نطق الصغير بألفاظ عربية لكن بشكل خاطئ و يبداون في تكرار اللفظ الخطأ كنوع من تدليل الصغير
حتى يتم تكريس الخطأ و تسير الافلأم و الغني على هذه الوتيرة
و من الأمثلة المشهورة الواضحة لهذا كلمات ( عمي و خالي و عمتي و خالتي) كيف تحولت على يد الفنانة ماجدة ربنا يسامحها الى ( عمو و خالو و عمتو و خالتو )نحن جميعا شركاء في هذا
لكن هل نستشعر فعلا بحجم الخسائر اليومية التي يسببها لنا هذا السلوك التفريطي في لغتنا ؟
طبعا يجب ان استدرك قبل ان يتم الفهم الخاطئ لمقالي على انه تحريض على معاداة اللغات الاجنبية
افاد بعض اساتذة تدريس اللغات ان قدرة الانسان على تعلم لغة اجنبية ببراعة تتوقف على امكانياته اللغوية في لغته الأم
لن تتحدث الانجليزية بطلاقة ان لم تكن تتحدث اللغة العربية بطلاقة
الا بشرط واحد انتجعل لغتك الاجنبية هي اللغة الأم و تعلم صغارك من سن النطق اللغة الاجنبية كلغة أم ثم بعد ان يتمكنوا منها تبدأ في سن متاخر تعلمهم تعاليم دينهم و تعلمهم العربي بعد ان تتاكد من جودة اتقانهم للغتهم الأم
فان كنت تنوي فعل هذا فقد ارحت نفسك و طفلك من ازدواجية اللغة التي تسبب مشكلات جمة في التفكير و لكن ستضحي باسلامك و عروبتك و تجعلها درجة ثانية و انت حر في اختيارك التربوي

نعود للسؤال ماذا نخسر من ضعفنا اللغوي ؟
1- ضعف في التفكير
التعبير و التفكير متلازمان لا يمكن يكون تفكيرك جيد و تعبيرك ضعيف و العكس
و من قوي فكره و ضعف لسانه اي كان عقله اسرع من لسانه او اسرع من قدراته على صياغة نتاج فكره في صورة كلمات فهذه الحالة تسبب ضعف التواصل الاجتماعي و تفضيل العزلة و سرعة الغضب و يكون هذا الشخص مشهور بالعصبية و شدة الانفعال
لذا ترى الطفل الذي يتاخر في تعلم الكلام تجده عصبي و حاد المزاج و يكثر من الصراخ
و كلما ازدادت قدرة هذا الشخص على التعبير كلما تعافى من حالته و علاجها غالبا يكون بادامة كتابة الخواطر و من ثم تتحسن المقدرة التعبيرية و تهدأ النفس (في حالة الراشدين ) بينما الصغار يعالجهم اخصائي التخاطب

و من كانت قدراته اللغوية ضعيفة تجده لا يستطيع تفسير الكثير من المواقف و لا يستطيع التفرقة بين الأمور المتشابهة و يضعها جميعا في سلة واحدة و يتصرف تصرفات الجهال

2- ضعف في التواصل
اللغة في المجال الاجتماعي شبيهة باسلاك الكهرباء او الطرق في المواصلات
نحن نتواصل و نتفاهم من خلال ان تعبر عما في نفسك بألفاظ يفهمها المحيطون و من هنا تبدأ عمليات التفاهم الاجتماعي
تخيل الجدة تسال الحفيد هل اعجبه الطعام فيرد عليها (رهيب) ذهن الجدة يتجه نحو أمور بعيدة تتخيل ان الطعام سئ او به سموم الا انها تتعجب من اقبال الولد على الطعام فكيف يعلن بان الطعام (رهيب) و طبق الفتة (مصيبة) و ان الملوخية (مالهاش حل) و ان الارز (بلوى سودة) و ان من طبخ هذا الطعام (مجرم ) او انه (صايع طبيخ) تخيل موقف الجدة أما ان تشك في عقل الحفيد و أم ان تشك في عقلها
و بعد الضحك و ادراك سوء التفاهم تبدأ الجدة في الشعور بالاشمئزاز و ربما تعاف نفسها فعلا و بشكل حسي واضح ان تاكل من هذا الطعام (الفظيع و البشع و الرهيب ) الذي طبخه (مجرم )
و الاخطر من هذا ان ينقطع التواصل بين الجدة و الحفيد
لان الجدة (دقة قديمة local ) بينما الحفيد (روش)
و طبعا النتيجة معلومة
لن تطلب الجدة حفيدها الروش و هي في فراش المرض ليخرج صندوق صغير (شكمجية) من دولاب ملابسها لتقول له ان هذا الصندوق بما يحتويه من ذهب هو ملك له باعتباره مددا لها
و غالبا الصندوق سيكون من نصيب اخيه المعقد (النفخ)

و كما حرم الحفيد (الروش) من صندوق الذهب سيحرم ايضا من صندوق الحكمة التي تمتلكها الجدة و يبدا في اكتشاف حياته من خلال تجاربه وحده و يعيد تجربة ما تم تجربته من قبل و يبدأ من حيث بدا الاولون و يدخل حياة التخلف من بوابة الروشنة
و لنتفرج على الولد (الروش) عندما يتزوج و يخلف تجده في قمة الغلب و حاله في قمة البؤس لانه ليس لديه اي رصيد من الخبرات او التجارب التي تمكنه من مواجهة الحياه و لا تجد لديه اي تصور للانفاق على بيته الا ان يكون دخله 7000 في الشهر على الاقل
و البنت الروشة لما تتزوج تجدها غرقانة في شبر ماء و طوال النهار تصرخ و تصيح
و تبدأ حياتها دون خبرات الجدة و لا تثقيف كتاب
تجدها تكتشف و لاول مرة كيف تربي الاطفال تماما كما كان حال الانسان البدائي الاول و هو يكتشف النار

3- افتقاد الكنز
عندما اراد الكفار على عهد رسول الله تقليل شان القرآن قالوا عنه انه سحر لانه يسحر القلوب و العقول و يغير مسارها و كان الكفار يقاتلون حتى لا يسمع احد القرآن
بينما اليوم اذاعة اسرائيل و اذاعات التبشير تبدأ بثها بتلاوة القرآن
ما الذي اختلف ؟
القرآن هو القرآن
و لكن لم يعد المتأثر هو المتأثر
ابو جهل رغم كفره كان يفهم القرآن و يتاثر به اشد التأثر لان حاسة الاستقبال عنده لم يكن بها (السح الدح أمبو)

تخيل اخي الحبيب ان ابو جهل و ابو لهب و الوليد ابن المغيرة كانوا اشد فهما و فقها لكتاب الله منك و مني

تخيل انهم كانوا في كل يوم يتعاهدون على عدم الاستماع للقرآن و مع ذلك كانوا لا يملكون انفسهم و يتركون مضاجعهم و يذهبون الى بيت رسول الله و يختبئون خلف الجدار ليسمعوا تلاوة النبي لكتاب الله في اخر الليل و عند الفجر
انظروا لهذا الكنز الذي بين أيدينا و لا نستطيع الانتفاع به
ما هذا الضعف الذي يمنعنا من التاثر بكتاب ربنا الذي ان فهمنا معناه لم نتأثر به لان اذواقنا تشوهت و تلوثت حتى انها اصبحت اقرب لاذواق عبدة الشيطان من اذواق طهارة الايمان
حتى واجهات المحلات الشبابية تجدها سوداء معلق بها سلاسل و على الحوائط جماجم و دماء
فهل تتخيل ان صاحب هذا الذوق تنطبق عليه الاية (الا بذكر الله تطمئن القلوب)

صحح لغتك و حافظ على كنزك

تعليقات

التسميات

عرض المزيد