ثقة على بياض [الثقة المطلقة حماقة مطلقة]




ثقة على بياض [الثقة المطلقة حماقة مطلقة]
لعلنا نحتاج الى مراجعة بعض البديهيات التي نتعامل بها يوميا حتى ننفض عن انفسنا غبار الغفلة
من البديهيات ان الثقة تاتي نتيجة معرفة سابقة فلا ثقة بلا معرفة و كلما زادت المعرفة تزيد القدرة على منح الثقة او سحبها
فلا تكفي رؤيتنا لشخص كي نصفه بالامانة و انما هو رصيد من التجارب تثبت امانة الشخص
و الثقة المطلقة غالبا ما تكون نوع من الحماقة المطلقة
لان الثقة بطبيعتها محدودة بحدود معرفتي بالشخص و بحدود التجارب التي خاضها هذا الانسان
فعندما ارى انسان صادق فانه ليس بالضرورة قادرا على اصلاح سيارتي او طبخ طعامي او معالجة مريض او تقديم فتوى
و على هذا قد اثق بكفاءة انسان و لا اثق بامانته و قد اثق بامانة انسان و لا اثق بكفاءته
و قد ورد في السيرة النبوية ان ابي ذر الغفاري قد سأل النبي الامارة فقال له النبي انك ضعيف "اي ليس كفأ للامارة " مع ان النبي شهد له بقوة الايمان و وصفه بانه اصدق الناس حديثا



و حتى في حالة منح الثقة لشخص ما بعد ان اثبتت التجارب و المواقف انه اهل للثقة فانها لا تكون ثقة دائمة مدى الحياه و انما هي خاضعة للرقابة و المراجعة و التقويم المستمر بلا تخوين و لا اتهام و لا سوء نية
فعلى الامة ان تراجع حكامها مهما كانت ثقتها بهم و هل هناك من هو اكثر اهلية للثقة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه و هو الذي بشره الرسول بالجنة امام الامة كلها و مع ذلك فانه كان يتعرض للمراجعة و المساءلة عن كل تصرف لان القلوب تتقلب و النفوس قد تتغير و الاحوال قد تتبدل
حتى ان الامثال الشعبية تقول "المال السايب يعلم السرقة " كما ورد بالامثال ايضا "ان كنتم اخوات اتحاسبوا" لتدوم المحبة و الثقة


ليتنا نتخذ معيار عمر بن الخطاب في الثقة عندما نسأل عن شخص متقدم لخطبة او مرشح لمنصب او صاحب سيارة اجرة يبحث عن سائق
ما هو معيار عمر بن الخطاب في منح الثقة
رأى عمر بن الخطاب رجلا اعجبه مظاهر سلوكه في المسجد فسأل عنه اراد ان يوليه "اي يضعه في منصب حيث كان يبحث عن اهل الامانة" فلما سأل عنه مدحه احد الناس مدحا عظيما
فساله عمر : هل جاورته ؟
فرد الرجل : لا
فساله عمر : هل رافقته في سفر طويل "من المعلوم ان السفر يسفر عن اخلاق الرجال اي يكشفها"
فرد الرجل : لا
فساله عمر هل تاجرت معه و عاملته بالدرهم و الدينار
فرد الرجل : لا
فقال عمر رضي الله عنه : اذن انت لا تعرفه

و من ذلك نفهم ان الثقة ليست صك بدون رصيد
اعاننا الله جميعا على ان نضع ثقتنا في من يستحقها و ان يجعلنا اهلا للثقة

تعليقات

التسميات

عرض المزيد