الان يا د/ جمال حشمت يمكنني تفسير ثورتي

بواسطة محمد سعد حميده » الجمعة يناير 16, 2009 8:39 am
في الثلث الاول من رمضان الماضي كان الشارع المصري مشحون بشكل غير عادي لاسباب مختلفة منها صدور حكم البراءة على صاحب عبارة الموت و منها غلاء الاسعار و اصرار الحكومة على بدء الدراسة في رمضان مما يثقل كاهل الاسرة المصرية و منها جريمة قتل سوزان تميم التي ثبت تورط احد اعمدة الحزب الحاكم و لجنة السياسات و ضابط امن دولة
و حدوث عدة حرائق في عدد من المرافق بشكل عكس اهمال حكومي فظيع و منها مجلس الشورى و ميدان العتبة
كارثة الدويقة
ثم جاءت كارثة الدويقة حيث سقطت الصخور على حي الدويقة السكني بسفح جبل المقطم و حاصرت الصخور عدة مئات من الاسر تحت الانقاض كان فيهم عشرات من الاحياء يراسلون ذويهم عبر الهواتف المحمولة يخاطبون و يناشدون الناس ان يخرجوهم من تحت الانقاض بينما وقفت الحكومة عاجزة تماما الا عن منع الصحفيين و تهديد رجال الاغاثة
و مما زاد الشحن ما ثبت من انذارات متتابعة من الاهالي قبل الحادث و ان الحكومة لم تسلمهم شققهم السكنية التي سددوا اقساطها و انتهت الحكومة من بنائها و تشطيبها
كما تسربت انباء عن احتمال كون الحادث عمدي من اجل اقامة قرية سياحية للاغنياء في مكان قريب و ان منظر العشوائيات سيؤذيهم
و في هذا التوقيت المشحون بشكل عارم بالشان الداخلي
و بحث العقلاء عن الاخوان كطليعة الامة
فوجئنا بالاخ حمدي حسن المتحدث الرسمي عن كتلة الاخوان بمجلس الشعب يشحن الناس اعلاميا في مبادرة لكسر الحصار عن غزة و تسيير مسيرة حاشدة الى رفح لفتح المعبر او للتظاهر امامه

و كنت ممن اعماهم الدمع و غشيهم الحزن و اخافتهم المسئولية من سؤال الله عن بشر تحت الانقاض ينتظرون الموت (حتى ماتوا) و لا احد مهتم بهم و تركناهم جميعا حتى ماتوا ثم ردمنا عليهم حتى لا تحدث كارثة انسانية بسبب عدم دفنهم

ففي هذا التوقيت كانت لي مشاركات عنيفة في ملتقى الاخوان و تهجم على د/حمدي حسن صاحب مبادرة كسر الحصار لكون المبادرة في غير وقتها اولا و لان الشان الداخلي يحتاج دعمهم ثانيا و العجيب ان د /حمدي حسن لم يكرر مبادرته وقت الحرب الاسرائيلية الحرجة رغم ان العالم كله يشتعل من اجل اغلاق المعبر و هذا اكبر دليل على ان هناك في الوعي لدى د/حمدي حسن ازمة فرق توقيت مستعصية و حادة و تحتاج الى علاج و مراجعة
و السؤال الملح لماذا لم يتجاوب الاخوان مع دعوة الخضيري لحشد عشرة الاف لفتح المعبر
هل لانها دعوة غير عقلانية ؟!
هل فتح المعبر في ساعة العسرة القصوى و القلوب في العالم الاسلامي من موريتانيا الى اندونيسيا تنتظر و تتلهف و الحرب في اشد لحظات استعارها و طيشها هل في هذا التوقيت يعد الحشد لفتح المعبر عمل غير عقلاني و محسوب ؟
بينما كان تصرف عقلاني و محسوب وقت ان كان اهالينا في الدويقة تحت الانقاض يستغيثون بكل انواع الاستغاثات حتى انتهت منهم فعالية بطاريات المحمول ثم تم دفنهم على وضعهم و نحن لا نعلم أأموات أم أحياء هل كان الحشد وقتها فعل عقلاني ؟!
في هذه الاثناء لمحت في احد منتديات شباب الاخوان ان الاخوان بتبنيهم لاغاثة غزة بينما سكان الدويقة في قلب عشوائيات القاهرة يستغيثون تحت الانقاض هو نوع من الحماقة السياسية و الانسانية و وصفتهم بانهم احفاد ماري انطوانيت حيث كانوا يصفون الشعب الذي لم يقف بجوار مبادرتهم وقتها بانه شعب غبي و سلبي و همه على بطنه و لقمة عيشه و لا يثور من اجل المبدأ او الحرية او الاخوة الاسلامية
و في هذا التوقيت دارت بيني و بين د/جمال حشمت نائب دمنهور الشرعي محادثة تليفونية عنيفة و عاصفة و غاضبة من جهتي و رقيقة و مهذبة من جهته
اشهد ان الرجل حاول احتوائي لكنني كلت لاخوانه كل انواع السب و القذف السياسي و اعترف بحلم الرجل و استيعابه لي
و لكنني اليوم ارى ان الامور قد وضحت و انني اذ لم استطع تبرير غضبي العنيف يومها او تفسيره فانني اليوم بعد ان اوشك غبار المعركة الصهيونية على شعبنا في غزة ان ينقشع استطيع تبرير موقفي

و اعادة مناقشة الامر بشكل هادئ
تخيلوا لو ظهر في زمن الحرب في غزة من يدعو اهل غزة للتبرع من اجل مرضى السرطان في مصر (تخيلوا) و يتهم اهل غزة بالبخل لان حملة التبرعات قد فشلت

لماذا نخبنا السياسية يسيئون التعامل مع الوقت بطريقة عجيبة

الاخوان لديهم مشكلة سياسية عجيبة اود لو يتقبلوا نصحي فيها كرجل شارع يحبهم و تربى في مدرستهم و يعترف بفضلهم
الازمة السياسية عند الاخوان انهم يدخلون السياسة بنصف مغامرة و نصف ذهن و نصف اداء
نعلم ما وراء الاخوان من حسابات تخص ادائهم التربوي و الدعوي و الخيري و الادبي و الفني و الثقافي و الاغاثي ايضا
و نقدر ان يكونوا متواجدين في هذه المجالات بنصف اداء خير من الانقطاع الكامل او الغياب المطلق كما يحدث من غيرهم ممن يكثرون الاقوال و ليس لهم افعال
لكن المجال السياسي شانه يختلف
عندما تدخل سيدي ساحة السياسة في بلد يحكمه الاستبداد و الفساد كبلدنا الحبيب فانك كمن اخرجت سكينا امام ثور هائج فاما ان تصارعه للنهاية و اما ان تخلي امامه الميدان
لكن ان تستفزه بالسكين ثم تدعوه للهدوء فانه لن يرحمك من ناحية كما انك لن تنتصر عليه من ناحية اخرى

دائما يتبنى الاخوان قضايا كقضايا ملحة فاذا حان اجلها و استعدت القلوب لخوض معركتها هدأ الاخوان من باب عدم امساك النظام السياسي من يده الموجوعة و عدم الضغط عليه في لحظة ضعف حتى لا يبطش بالجماعة و يحطم انجازاتها
لكن الوقع يقول ان هذه السياسة تجعل النظام يبطش بالاخوان اثناء الاحداث و بعدها كما يفقد الاخوان تعاطف رجل الشارع لان النظام يختار التوقيت المناسب لتوجيه الضربات للاخوان بينما هم لا يختارون التوقيت المناسب للضغط على النظام
كما يفتحون الباب واسعا امام الاخرين ليتهمونهم بالانتهازية رغم انهم اكثر من يقدم التضحيات في هذا الوطن
لكن للاسف كثير من هذه التضحيات ينطبق عليها وصف الاستاذ فهمي هويدي عندما لخص وصفه لاحدى الجماعات فقال فيهم (جند الله في المعركة الغلط)
ارجو من الاخوان اعادة النظر في خريطتهم و تفهمهم للمواقيت و ان يقبلوا نصيحة من قلب محب
و احب ان اؤكد في ختام المقال انني هنا اتحدث عن الجانب السياسي لا الاغاثي و لا الدعوي حتى لا يتهمني البعض انني تجاهلت دورهم في اغاثة اسر المنكوبين في الدويقة او غزة او ضحايا العبارة

اللهم اجعل هذه المراجعة في سبيلك و في ميزان حسناتي و افتح لها قلوب المخلصين و الهمهم تقبلها بصدر رحب

تعليقات

التسميات

عرض المزيد