جولة في مكافحة الاحباط : التفاؤل و التشاؤم و الدروشة و ادراك الواقع

جولة في مكافحة الاحباط : التفاؤل و التشاؤم و الدروشة و ادراك الواقع
لي مع الاحباط قصص و صولات و جولات
لم انتصر عليه تماما و الا رفعت راية النصر و لم يهزمني تماما بدليل وجودي في هذا الموقع و انما انا مقاوم للاحباط
فالاحباط موجود و مسيطر تماما على النفوس و العقول
و دورنا اعلان الجهاد و المقاومة
و بما ان المقاومة موجودة اذن الاحباط ايضا موجود

و بصفتي مقاوم قديم للاحباط كتبت مرة عن نفسي ساخرا لقب "خبير في شئون مكافحة الاحباط"
و فوجئت بان اللقب اعجب الصحافة و فوجئت بنفسي اجري حوارين صحفيين مع روزا اليوسف و حوار مع المصري اليوم و برنامج 90 دقيقة
و كادت وسائل الاعلام ان تصاب بخيبة امل لانها لم تجد عندي الا وصفات لمقاومة و ليس معي دواء سحري يحطم الاحباط بضربة قاضية
و لان خبرات المقاومة بالنسبة لي كانت مجرد قطرة من بحر الصبر الذي يتحلى به اهل بلدي الطيبين الراضين بقضاء الله بايمان كامل و تسليم مطلق

ما اكتبه اليوم كان ردا على حوارين منفصلين بيني و بين شخصين مختلفين لا يعرفان بعضهما الا انهما طرحا نفس القضية التفاؤل و التشاؤم و قراءة الواقع

في ظني ان التفاؤل هو توقع الخير و تفسير الاحداث على الجانب الخير و هو من الايمان لانه يستند الى ثقة العبد بحكمة الرب

التشاؤم هو توقع الشر دائما و تفسير الاحداث على اسوا وجه و هو باب و مدخل واسع للشيطان
فانك ان تشاءمت فقد فتحت الباب الملكي و فرشت السجادة الحمراء و فتحت للشيطان من قلبك صالة كبار الزوار

اضرب مثل بسيط لتوضيح الفكرة
المتفائل اذا ضاقت به سبل الرزق لجا الى البحث عن عمل لانه يتوقع ان له رزق سيصله ان سلك سبل الحلال
و ان رزقه الله تصدق و هو يتوقع ان يعوضه الله بخير مما انفق

بينما المتشائم يتوقع الضيق و الضنك فيلجا للكسب الحرام
و ان رزق و اوسع الله له في الرزق جمع المليارات بعضها فوق بعض و داخله شعور رهيب بالخوف من مصائب الزمان و لا يدري ربما يمرض و يفتقر و يحتاج الى علاج و جراحات تستهلك ملياراته او ربما يحتاج الى مؤسسة امنية تحميه و ربما يتخلى عنه كل الاحباب و تجتمع على عداوته كل الناس او ربما كذا او كذا
و نجد من يحتفظ بملابسه القديمة فلا يعطيها للفقراء خشية ان يفتقر فيحتاج ملابسه القديمة

و بهذا يتضح ان التشاؤم هو باب الشيطان حيث يسعى لان يجلب للناس الياس من رحمة الله (الشيطان يعدكم الفقر و يامركم بالفحشاء)
و اذكر انني في اشد لحظات احباطي التي مررت بها كما يمر بها معظم شباب بلدي كانت تهزني اية "وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) "

فالحياه تدور و اليسر موجود في كل الاحوال و لكن اعيننا هي التي تغفل عنه


و فهم الواقع : هو قراءة الواقع كما هو مع محاولة النظر في جوانبه لاكتشاف جوانب اليسر و فتح ثغرات في الطريق المسدود او اكتشاف طريق اخر افضل

الوهم و الدروشة : كله خبر خير بلا تحليل و لا تمحيص و لا قراءة و لا تشغيل للعقل و لا اجهاد الفكر الذي امرنا الله به
و المتوهم و المدروش متشائم ادرك استحالة فهم الواقع و استحالة العبور من الازمة بشكل منطقي فتناول المخدر و ترك عجلة القيادة بلا سيطرة و هو يظن انه يحسن صنعا و ظن ان العشوائية في كل الاحوال ستكون افضل من قيادته لزمام نفسه

المتفائل اذا قذفته الاقدار الى جحر الافاعي ادرك حقيقة الموقف جيدا و اخذ يعد العدة للخروج او للتعايش و الحذر حتى تمر الازمة بسلام و لم يعلن الخطب العصماء في التغافل عن عيوب الافاعي و لم يتغزل في جمال الوانها و نعومة جلدها حتى اذا لدغته احد الافاعي اخذ يلعن الاقدار و يشكو الى الله ظلم الافاعي

قال لي صديقي انت متشائم ترتدي ثياب المتفائلين فرددت عليه باني متفائل و لكن الفرق بيني و بينك انني اعترفت بان قصري انهار و بدات ابحث بين انقاضه عن الكنوز و الثروات المحطمة
بينما وقف الاخرون يجادلون في حقيقة انهيار القصر و كلما وجدوا منه جزء محطم لطموا خدودهم و شقوا جيوبهم و لو اعترفوا لانفسهم بانهيار القصر و ان عليهم البدء بتجميع ما تبقى منه لكان خيرا لهم

المتفائل يعترف بالمشكلة و لا يكذب الواقع و لكنه يهتف صادقا من قلبه لا تحزن ان الله معنا
و ها هو موسى عليه السلام عندما خرج في قومه و طاردهم فرعون و جنوده فوجد موسى عليه السلام البحر من امامه و الفرعون من خلفه فهتف قومه انا لمدركون (رحنا في ستين داهية) فرد عليهم : كلا ان معي ربي سيهدين



تعليقات

التسميات

عرض المزيد