كلا ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى

كلا ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى
يتخرج الطبيب الشاب من دراسته ليجد الساحة تكاد لا تتسع الا للعمالقة
فينظر الطبيب الشاب حوله ليجد الالاف و الملايين من البسطاء و الفقراء و الضعفاء لا يكترث بهم العمالقة الكبار
يقبل الطبيب الشاب على مساعدة الفقراء و الضعفاء ربما رغبة في ما عند الله من الثواب و طمعا في رزق الله و ربما تجمعه بالبسطاء مشاعر التعاطف نتيجة اتحاد الامال و الالام
يعمل الطبيب الشاب في المستوصفات الخيرية باجر رمزي
قد يعرض الناس عن الدخول لهذا الطبيب الجديد المجهول
فيتسامح الطبيب الشاب في امر اجرته حتى يجد من يمارس فيه مهنته و يجري عليه تجربته
و مع تتابع الايام و التجارب تزدحم زبائن الطبيب الشاب في المستوصف الخيري
فيطلب من ادارة المستوصف زيادة حجم قاعة الانتظار المخصصة له و يطلب زيادة نسبته في الكشف و يظل يطلب المزيد من المميزات حتى يضيق به المستوصف فيفتح عيادته الخاصة
و يحتفظ بابتسامته في عيادته فقط بينما يقوم بمهامه دون ابتسامة في المستوصفات التي ابتدء في تقليل ساعات عمله بها

و بناءا على طلب جماهير العيادة يقتصر عمله عليها

يؤلف الطبيب الشاب كتابا ليساعد المرضى ثم يستضاف في التلفزيون ثم يفتح موقع على الانترنت للاستشارات
يشعر بتعاطف اكثر مع الاستشارات القادمة من البلدان الغنية
يفتح عيادة اخرى في منطقة ارقى و بسعر اعلى تكون قيمة الكشف
يتم رفع السعر في العيادة القديمة على اعتبار ان هذه هي قيمته في اسواق الطب و انه لولا بره باهله لاغلق عيادته الاولى (على الرغم من ان ايراده منها اعلى و زبائنها اكثر خيبة و لا يعرفون ما هي حقوقهم ليطالبون بها اساسا )

كان يخصص قسطا من وقته لمجالسة الشباب في المسجد او مركز الشباب
كان يشجع الحوار و يعتبره القيمة الام في التحضر و ارساء دعائم النهضة
ثم صار يؤمن ان الحوار لا يكون الا مع النخبة فقط
و تغير مفهوم النخبة فقد كان النخبة هم اهل التهذيب و الادب و لو كانوا صغارا او حتى اميين
اما الان فقد صار معنى النخبة في مفهوم الطبيب الذي لم يعد شابا صار مفهوم النخبة لديه من هم يملكون القوة و النفوذ و بتعبير لطيف "اهل النجاح" و لا مانع ابدا من اعتبار ورثة الملايين او سارقي المليارات من اهل النجاح و لا داعي للالتفات للشائعات التي تصدر من حزب اعداء النجاح

يضيق الطبيب الذي لم يعد شاب باشكال البسطاء و رائحة البسطاء و جهل البسطاء و كلام البسطاء و احلام البسطاء

و في مرة من المرات استوقفه رجل من اهله و قال له اين حق اهلك عليك و اين رد الجميل لمن وقف بجوارك
فرد عليه باستنكار و استهجان : انا انسان عصامي بدات من الصفر انا من صنعت نفسي بنفسي (انما اوتيته على علم عندي)

بدا يشعر بنظرات الحسد في تعامل اهله و عشيرته اضافة لضيقه بهم
قرر الهجرة الى حي ارقى ليسكن فيه
و حتى يضمن الجنة كما ضمن الدنيا (من وجهة نظره) قرر في ذمته لوالديه راتبا شهريا يزيد قليلا عن مصروف يد طفلته
و ارسل والداه الى الحج
و قرر راتبا شهريا لافقر اخوته نظير رعاية والديه
و في يوم جنازة امه حضر لتلقى العزاء و جلب اشهر الشيوخ و القراء و اخرج الصدقات
و بعد انتهاء مراسم العزاء قال لاخوته انا متنازل عن حقي في الميراث
ثم اخذ كل ما تبقى من متعلقاته من منزل العائلة و غير ارقام هواتفه


هذه مجرد قصة خيالية من مجموع مشاهداتنا في الحياه
فكم مرة رايت قصصا مشابهة ؟؟؟؟؟؟؟

تعليقات

التسميات

عرض المزيد