قصة مسجد

قصة مسجد
ليست هذه قصة مسجد معين و لا تحكي واقعة محددة و لكنها قصة خيالية تحوي الاف الوقائع التي حدثت بالفعل دون ان تنفرد بذكر واقعة واحدة بذاتها

المسجد الهادئ على اطراف المدينة فيه شيخ كبير تعودت اجيال على سماع خطبة الجمعة منه
يحكي في خطبته الصحيح و الضعيف فلا يراجعه احد الا نادرا فهو من وجهة نظر الجميع بمثابة رجل الدين المسؤول عن الخطابة في هذا المسجد و من لا تعجبه خطبته فليبحث عن مسجد اخر فليصل فيه

رغم ان الشيخ الكبير غير متسامح احيانا و لا يقبل الحوار غالبا الا انه كان يتحدث في خطبته عن اختلاف العلماء فكان هذا سببا في ان يعلم الناس و لو بشكل نظري بتسامح الاسلام مع الخلاف و اعتبار اختلاف العلماء فيه رحمة و سعة و تنوع و اثراء و فتح سبل للاجتهاد و التفكير
حيث كان الشيخ الكبير اذا سألوه عن مسألة في الزكاه فكان يجيبهم على هذا النحو : قال الشافعي و مالك و اجتهد ابو حنيفة و اتفق الحنابلة مع فلان و راي جمهور العلماء كذا

مرض الشيخ الكبير ذات مرة و كانت اول مرة يتخلف عن صلاة الجمعة منذ وعى الناس عليها في هذا المسجد
و حانت ساعة الصلاة و لم يجد المصلون فيما بينهم من يصلح للخطابة
فليس في هذا الحي لا خريج و لا حتى طالب في الكليات الشرعية بالازهر ربما لان الازهر ارتبط في اذهان ابنائهم بالصورة النمطية التقليدية من تخلف مدارسه و صعوبة مناهجه و اعتماده عل الحفظ الاعمى و انه مناسب اكثر للفقراء و بعض ذوي الاعاقات ممن لا يطمحون في مستقبل واعد
قد لا تكون الصورة التي ارتسمت في اذهان اهل الحي عن الازهر صورة حقيقية و لكنها في كل الاحوال كانت الصورة المرتبطة باذهانهم و كانها عقدة نفسية ليس لها سبب ظاهر

نعود لقصتنا
فلما مرض الشيخ لم يجد الناس من يصلح لالقاء الخطبة فاذا باحدهم يشير الى رجل كبير وقور هو موظف كبير و كثير الصلاة و قراءة القران في المسجد
خشي الموظف كبير السن من الموقف فهو لم يعتد الحديث مع الجمهور و ليس له في الخطابة باع كما ان علمه قليل هو صاحب خلق و تقى و ورع لكن ليس بالضرورة ان يكون قادرا على تعليم الناس شئون دينهم تماما كالام التي تهيم بوليدها حبا و حرصا ليست قادرة على ان تسد فراغ غياب الطبيب اذا مرض الطفل الوليد

و على استحياء و بعد الحاح الناس وقف الموظف الوقور المتدين ليخطب في الناس بصوت مرتجف تلاحقه انفاس مضطربة الى ان انتهى من موعظته المرتجلة
و بدات تتكرر مرات غياب و مرض شيخ المسجد الاصلي و تكرر خروج الموظف الى المنبر بحكم الضرورة و مع الوقت قلت الرهبة و لكن زادت انتقادات الناس لادائه الضعيف و علمه القليل و نسي الجميع انه لم يصعد للمنبر الا بحكم الضرورة و انه خرج بناء على رغبة جمهور المصلين و بالحاح منهم و اضطرار منه

و لان الموظف الوقور كان خجولا فقد تعمد ان يتاخر احيانا عن اجابة اذان صلاة الجمعة هروبا من المسؤولية الصعبة التي القيت عليه و كان يبكر احيانا للصلاة و لكن في مسجد بعيد

و لم يجد المصلون الباحثون عن خطيب الا شاب كان هو الاكثر تواجدا في المسجد في الفترة الاخيرة و كان الاكثر اظهارا لتمسكه بتعاليم الدين و الاكثر انتقادا لاداء الشيخ الكبير و الموظف الوقور
و لما اعتلى الشاب المنبر اثبت قدرته الخطابية و امكاناته العلمية و قوة حفظه للنصوص و الاسانيد و المتون فتغافل الناس عن تشدده و تعصبه لمذهب واحد يفتي به على انه راي الاسلام و من يخالفه فلا يعد عمله مقبولا
و مع الوقت اعتبر الناس ان التشدد هو طبيعة التدين اذ هو استطاع اقناعهم تماما بهذا حين ذكر لهم قصص الانبياء و الصحابة و كيف كان غضبهم عند انتهاك الحرمات
كما استطاع اقناعهم تدريجيا بانهم عوام ليس من شأنهم تمحيص الاراء و الادلة و انه وحده او من في منزلته فقط ادرى بما يختار لهم من الاراء و المذاهب و انهم ينبغي ان يكونوا في درجة علمية معينة ليحق لهم الحوار و النقاش في امر دينهم
ثم حفزهم لطلب العلم الشرعي و استطاع اقناعهم بما كان في اسلوبه من حيوية الشباب و حماسته فبداوا يرسلون له ابنائهم فاصبح يعلمهم العلم على طريقته فمن وافق طبعه و رايه فهو طالب علم مجتهد و من كثر جدله و نقاشه فهو غير صالح لتلقي العلم الشرعي من وجهة نظره
و كما اصبح المسجد اكثر حيوية و نشاطا من ذي قبل بالنسبة للبعض الا انه اصبح ايضا منفرا للبعض الاخر
و زادت التوترات في البيوت بين الشباب و اخواتهم و بين الاباء و ابنائهم في كثير من الامور التي لم تعد عادات بريئة و انما هي بدع و منكرات يجب ازالتها من وجهة نظر الشباب المتحمس الذي لا يعترف باي راي مخالف و لو كان لعلماء كبار او احد الائمة الاربعة و تضخمت امور في عقول الناس و صغرت امور عظيمة في اعين الناس
و لم يتوازن مقدار النقد و الزجر مع الاقناع و الاحتواء فاصبح الشاب يفضل ان يدخن الحشيش و المخدرات مع اصدقائه في غرفة بيته مفضلا ذلك على ان يظهر كمدخن للسجائر في مواجهة المجتمع
لذا فان جمهور المقهى من الشباب للاسف لم يستفد من غلق المقهى لينتفع بوقته و زهرة شبابه و لكن اصبحوا يلتقون في بيوتهم و استبدلت الشيشة العلنية بحشيش و مخدرات و خمور و استئجار العاهرات احيانا

و ظهر في الاسرة الواحدة المتدين المتشدد و المتفلت السكير
و عندما سال الاب شيخ المسجد الشاب عن هذه المشكلة قال له : متشدد و قفل و يدخل الجنة و لا ولد مفتح و يضرب امه و يدخل النار ؟؟؟؟؟

الا يوجد خيارات اخرى؟؟

ما رايكم انتم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

و ماذا يمكننا ان نفعل حتى لا تتكر هذه القصة ان كانت مزعجة ؟؟؟؟؟

ان كانت القصة غير مزعجة لك فما هو السبيل لانتشارها و تعميمها حتى تصير تجربة رائدة ؟؟؟؟؟؟



تعليقات

التسميات

عرض المزيد