التوازن في زمن المزايدات
التوازن في زمن المزايدات
انك ان اقمت الصلاة المكتوبة فقط دون النوافل فانت في نظر اغلب وعاظ عصرنا مقصر رغم ان رسول الله روى عن رب العزة في الحديث القدسي (ما تقرب الي عبدي باحب الي مما افترضته عليه) و انك ان واظبت على تلاوة عشر ايات فقط في اليوم و الليلة من كتاب الله مع انك في ميزان رسول الله تعد من الذاكرين الله كثيرا فانت في نظر وعاظ العصر ايضا مقصر و سيذكرون لك قصص من كان يختم القران مرتين في ليلة واحدة (رغم ان هذا مستحيل عقليا و زمنيا الا ان يكون ليل الجزيرة العربية كان شبيها بالليل القطبي في طوله و رغم انه منافي لنهي رسول الله عن ختم القران في اقل من ثلاث ايام )
و انك ان واظبت على قطع مسافة ما اثناء ذهابك الى عملك ماشيا و لعبت مباراه كرة قدم بينك و بين اصدقائك مرة واحدة كل شهر فانت في نظر الرياضيين ليس لك بالرياضة اي صلة و طبعا لن تاخذ اي ميدالية من اي نوع و لو كانت ميدالية صفيح حتى ،بينما انك لو واظبت على هذا الفعل فانت في نظر الاطباء ممن يحافظون و يجددون شبابهم
انك لو استمعت لنشرة يومية موجزة لاهم الانباء فانت بذلك تعد مواكبا للحياه بينما يراك اهل السياسة مواطن سلبي و لا تتحلى بالوعي الكافي لتكون مواطن اساسا
و لو انك خلال السنة قرات ثلاثة او اربعة كتب مفيدة لك في تربيتك لاولادك او لها تاثير عليك في مجال عملك و اضفت اليهم روايتين ادبيتين فانت بذلك في نظر اهل الثقافة صفر او ما دون الصفر مع انك في الحقيقة تتفوق على 90% من سكان الكرة الارضية في العلم و الثقافة و الحس الادبي
انك ان قدمت نصيحة بسيطة في معرض كلامك و لم تنتبه لها و لكنها كانت مهمة بالنسبة لصديق لك او حتى جارك في وسيلة المواصلات فاستفاد من هذه النصيحة في حياته او تجنب بسببها الوقوع في كارثة ، فانت في نظر اغلب البشر انسان عادي جدا فانت لم تخاطر بحياتك مثلا كي تنقذ طفلا من تحت عجلات القطار كي تستحق الاعجاب و التقدير
و لكن هذه النصيحة السريعة العابرة قد تكون في ميزان حسناتك كنزا مخبوءا لك الى يوم القيام
من يدري فلعل طفل يتيم تمسح على راسه و تركبه مرجيحة في طفولته قد تجنب به البشرية في المستقبل القاء قنبلة ذرية يبيد بها ملايين البشر
و لعل ازاحتك لقشرة موزة يلقي بها طفل في عرض الطريق تكون منعا لاصابة رب اسرة و انقاذا لعائلته من التشرد
فانت بكل هذه الافعال الصغيرة العادية جدا -في نظر من لا يحترمون الا اصحاب الخوارق - لكنك في موازين الاخرة عملاق تستحق ان تبعث يوم القيامة مع الصديقين و الشهداء
و في موازين الدنيا انت مهم جدا للبشرية و عنصر ضروري لاستمرار الحياه على ظهر الارض و عمارة الكون
فانت بموازين الدنيا مهم جدا و لو لم يدرك الناس اهميتك
تماما كما ان الاكسجين مهم جدا لحياة الناس حتى قبل ان يعلم الناس ان هناك غاز بهذا الاسم
ربما لهذا السبب مدح رسول الله الاتقياء الاخفياء ممن لهم اثر عظيم في الحياه و لكن هذا الاثر لا يدركه من حولهم
قد تكون انسان غير معترف بك ابدا من وجهة نظر كل البشر لسبب بسيط جدا انه لا توجد مسابقات و لا جوائز تمنح للانسان المتوازن (الانسان العادي)
فالجوائز تمنح غالبا للمتطرفين المغالين باعتبارهم خارقين
بينما هناك الالاف و الملايين من المرابطين في مواقع الحياه المختلفة يقومون بواجباتهم (العادية) لا يلتفت اليهم احد
و قد صدق احد الصالحين حين قال "ما رأيت اسرافا في جانب الا و بجانبه حق مضيع"
تمنح الميدالية الذهبية لمن استطاع قطع مسافة مائة متر في عدد معين من الثواني مع ان البشرية لا تحتاج لهذا اللاهث الجاري بلا هدف و الذي قد يكون اهمل كل ما هو مفيد و ضروي في حياته
و من المؤكد ان الكناس و عسكري المرور اعظم منه فائدة و مع ذلك لا يوجد مسابقة ذات قيمة تكرم افضل كناس و افضل عسكري مرور
قد مدح رسول الله سيدنا ابي بكر الصديق بقوله ان ايمانه لو وزن بايمان الامة لوزنها
ذلك الرجل اذا تاملت سيرته تجده نموذج لافضل انسان عادي عرفته البشرية
كان من الصحابة من هم اكثر منه صلاة و عبادة و اكثر منه حفظا و اكثر منه جهادا و اكثر منه شجاعة و اكثر منه لينا و اكثر منه دهاءا و مكرا و ذكاءا
بينما كانت ميزة ابي بكر رضي الله عنه (و الله اعلم)انه كان له في كل هذه الميادين سهم بالاضافة الى ثباته في كل المحن و ربما سبب هذا الثبات في المحن المختلفة التي كادت ان تطيش باولي الالباب انه كان متوازن لم يطغى فيه جانب على جانب لانه كان بمثابة افضل رجل متوازن
بينما حذر النبي صلى الله عليه و سلم من الخوارج الذين كانوا يأتون من العبادات اضعاف ما ياتيه الصحابة (تخيل ناس يعبدون الله اكثر من عبادة الصحابة)
و لكنهم قوم فقدوا التوازن
فقد تكون كثرة القراءة و الحفظ على حساب عمق التدبر و التامل و الفهم
و قد تكون كثرة الاعمال على حساب الاتقان
تنبيه مهم
ليس الغرض من المقال الدعوة لعدم التفوق و انما الهدف هو جعل التوازن هو معيار مهم للتفوق
فلا شك ان الطالب الذي يدفع ضريبة باهظة لتفوقه الدراسي (ضعف الصحة نتيجة المبالغة في السهر و اهمال التغذية و الانطواء و ضعف التواصل الاجتماعي و الضعف النفسي و قلة مهارات الحياه) لا شك انه انسان فاشل في الحياه و لو سبق اقرانه في درجات التميز الدراسي
الوسطية هي الحل
انك ان اقمت الصلاة المكتوبة فقط دون النوافل فانت في نظر اغلب وعاظ عصرنا مقصر رغم ان رسول الله روى عن رب العزة في الحديث القدسي (ما تقرب الي عبدي باحب الي مما افترضته عليه) و انك ان واظبت على تلاوة عشر ايات فقط في اليوم و الليلة من كتاب الله مع انك في ميزان رسول الله تعد من الذاكرين الله كثيرا فانت في نظر وعاظ العصر ايضا مقصر و سيذكرون لك قصص من كان يختم القران مرتين في ليلة واحدة (رغم ان هذا مستحيل عقليا و زمنيا الا ان يكون ليل الجزيرة العربية كان شبيها بالليل القطبي في طوله و رغم انه منافي لنهي رسول الله عن ختم القران في اقل من ثلاث ايام )
و انك ان واظبت على قطع مسافة ما اثناء ذهابك الى عملك ماشيا و لعبت مباراه كرة قدم بينك و بين اصدقائك مرة واحدة كل شهر فانت في نظر الرياضيين ليس لك بالرياضة اي صلة و طبعا لن تاخذ اي ميدالية من اي نوع و لو كانت ميدالية صفيح حتى ،بينما انك لو واظبت على هذا الفعل فانت في نظر الاطباء ممن يحافظون و يجددون شبابهم
انك لو استمعت لنشرة يومية موجزة لاهم الانباء فانت بذلك تعد مواكبا للحياه بينما يراك اهل السياسة مواطن سلبي و لا تتحلى بالوعي الكافي لتكون مواطن اساسا
و لو انك خلال السنة قرات ثلاثة او اربعة كتب مفيدة لك في تربيتك لاولادك او لها تاثير عليك في مجال عملك و اضفت اليهم روايتين ادبيتين فانت بذلك في نظر اهل الثقافة صفر او ما دون الصفر مع انك في الحقيقة تتفوق على 90% من سكان الكرة الارضية في العلم و الثقافة و الحس الادبي
انك ان قدمت نصيحة بسيطة في معرض كلامك و لم تنتبه لها و لكنها كانت مهمة بالنسبة لصديق لك او حتى جارك في وسيلة المواصلات فاستفاد من هذه النصيحة في حياته او تجنب بسببها الوقوع في كارثة ، فانت في نظر اغلب البشر انسان عادي جدا فانت لم تخاطر بحياتك مثلا كي تنقذ طفلا من تحت عجلات القطار كي تستحق الاعجاب و التقدير
و لكن هذه النصيحة السريعة العابرة قد تكون في ميزان حسناتك كنزا مخبوءا لك الى يوم القيام
من يدري فلعل طفل يتيم تمسح على راسه و تركبه مرجيحة في طفولته قد تجنب به البشرية في المستقبل القاء قنبلة ذرية يبيد بها ملايين البشر
و لعل ازاحتك لقشرة موزة يلقي بها طفل في عرض الطريق تكون منعا لاصابة رب اسرة و انقاذا لعائلته من التشرد
فانت بكل هذه الافعال الصغيرة العادية جدا -في نظر من لا يحترمون الا اصحاب الخوارق - لكنك في موازين الاخرة عملاق تستحق ان تبعث يوم القيامة مع الصديقين و الشهداء
و في موازين الدنيا انت مهم جدا للبشرية و عنصر ضروري لاستمرار الحياه على ظهر الارض و عمارة الكون
فانت بموازين الدنيا مهم جدا و لو لم يدرك الناس اهميتك
تماما كما ان الاكسجين مهم جدا لحياة الناس حتى قبل ان يعلم الناس ان هناك غاز بهذا الاسم
ربما لهذا السبب مدح رسول الله الاتقياء الاخفياء ممن لهم اثر عظيم في الحياه و لكن هذا الاثر لا يدركه من حولهم
قد تكون انسان غير معترف بك ابدا من وجهة نظر كل البشر لسبب بسيط جدا انه لا توجد مسابقات و لا جوائز تمنح للانسان المتوازن (الانسان العادي)
فالجوائز تمنح غالبا للمتطرفين المغالين باعتبارهم خارقين
بينما هناك الالاف و الملايين من المرابطين في مواقع الحياه المختلفة يقومون بواجباتهم (العادية) لا يلتفت اليهم احد
و قد صدق احد الصالحين حين قال "ما رأيت اسرافا في جانب الا و بجانبه حق مضيع"
تمنح الميدالية الذهبية لمن استطاع قطع مسافة مائة متر في عدد معين من الثواني مع ان البشرية لا تحتاج لهذا اللاهث الجاري بلا هدف و الذي قد يكون اهمل كل ما هو مفيد و ضروي في حياته
و من المؤكد ان الكناس و عسكري المرور اعظم منه فائدة و مع ذلك لا يوجد مسابقة ذات قيمة تكرم افضل كناس و افضل عسكري مرور
قد مدح رسول الله سيدنا ابي بكر الصديق بقوله ان ايمانه لو وزن بايمان الامة لوزنها
ذلك الرجل اذا تاملت سيرته تجده نموذج لافضل انسان عادي عرفته البشرية
كان من الصحابة من هم اكثر منه صلاة و عبادة و اكثر منه حفظا و اكثر منه جهادا و اكثر منه شجاعة و اكثر منه لينا و اكثر منه دهاءا و مكرا و ذكاءا
بينما كانت ميزة ابي بكر رضي الله عنه (و الله اعلم)انه كان له في كل هذه الميادين سهم بالاضافة الى ثباته في كل المحن و ربما سبب هذا الثبات في المحن المختلفة التي كادت ان تطيش باولي الالباب انه كان متوازن لم يطغى فيه جانب على جانب لانه كان بمثابة افضل رجل متوازن
بينما حذر النبي صلى الله عليه و سلم من الخوارج الذين كانوا يأتون من العبادات اضعاف ما ياتيه الصحابة (تخيل ناس يعبدون الله اكثر من عبادة الصحابة)
و لكنهم قوم فقدوا التوازن
فقد تكون كثرة القراءة و الحفظ على حساب عمق التدبر و التامل و الفهم
و قد تكون كثرة الاعمال على حساب الاتقان
تنبيه مهم
ليس الغرض من المقال الدعوة لعدم التفوق و انما الهدف هو جعل التوازن هو معيار مهم للتفوق
فلا شك ان الطالب الذي يدفع ضريبة باهظة لتفوقه الدراسي (ضعف الصحة نتيجة المبالغة في السهر و اهمال التغذية و الانطواء و ضعف التواصل الاجتماعي و الضعف النفسي و قلة مهارات الحياه) لا شك انه انسان فاشل في الحياه و لو سبق اقرانه في درجات التميز الدراسي
الوسطية هي الحل
تعليقات
إرسال تعليق