البطولة لا تتفوق على التخصص و التضحية لا تغني عن الكفاءة

البطولة لا تتفوق على التخصص و التضحية لا تغني عن الكفاءة
البطولة لا تتفوق على التخصص و التضحية لا تغني عن الكفاءة
ارجوكم اعطوا العيش لخبازه
بقلم : محمد سعد حميده
تخيل ان حريقا شب في ملجأ للاطفال نتيجة اهمال جسيم من ادارة الملجأ فتدخل رجل شجاع لاطفاء النار و حماية مئات الاطفال من خطر الموت حرقا بسبب اهمال الادارة و تلكأ المطافئ
فقام الرجل الشجاع بدور بطولي ضخم في اطفاء الحريق و اخراج الاطفال الى اماكن آمنة بعيدة عن الحريق و كان الرجل مثالا للشجاعة في اقتحامه للنيران و مثالا للابوة في حماية الاطفال
و بعد ان هدأ الحريق و اعيدت الحياه في الملجأ لطبيعتها اقاموا حفلا لتكريم الرجل الشجاع فاذا بالرجل يزهد في التكريم و يطلب مباشرة منصب ادارة الملجأ و تتطور مطالبات الرجل حتى يصل الى حقه بالقيام باي تصرفات من شانها حماية الملجأ من الحريق مرة اخرى حتى و لو قتل بعض الاطفال المشاغبين بحجة حماية الباقين و لا باس بان يستعين بمساعدين يقومون بجرائم تصل لهتك عرض بعض الفتيات
لكن لا باس فقد سبق للرجل الشجاع بالحفاظ على ارواح الجميع من قبل و رصيده من الافضال و الايجابيات كبير فلا داعي للنظر لبعض الاخطاء او الخطايا هنا و هناك و على الجميع النظر لنصف الكوب الممتلئ

هكذا فكر الضباط الاحرار و على راسهم جمال عبد الناصر و بهذا المنطق ساروا عندما انقلبوا حتى على قائدهم محمد نجيب الذي كان يدعوهم الى العودة الى ثكناتهم مرة اخرى بعد ان قاموا بدور بطولي في ايقاف عجلة الفساد في مصر
و هكذا يفكر صاحب الضربة الجوية الاولى الذي يرى انه ضحى من اجل مصر لكونه كان قائد سلاح الطيران في حرب اكتوبر و من هذا المنطلق من حقه ان يرث حكم مصر و يورثه لابنائه من بعده
لما لا الم يشارك في معركة النصر ؟؟

و هكذا يفكر بعض قادة الحركات التحررية في المجتمعات المتخلفة بل ربما وصل الامر حتى للجماعات و الجمعيات الخيرية و الاسلامية حيث ينظرون لمن انقذ حياة المريض و قام باسعافه و الاسراع به للمستشفى على انه بطل يجب مكافأته
و مكافأة الابطال امر واجب طبعا لكن هل يكافأ المسعف البطل باعطائه حق اجراء الجراحة الدقيقة للمريض باعتبار انه اكثر رجولة من الطبيب الجراح الذي اشتهر عنه ولعه بالمال و قلة اكتراثه بالام البشر

لكن هل فكر المسلمون بهذا المنطق منذ فجر تاريخهم ؟؟
الاجابة : لا
فقد كان الصحابة يجلون و يعظمون و يحترمون نفر من الصحابة السابقين في الاسلام من الذين بذلوا كل التضحيات من اجل نصرة هذا الدين و نصرة و فداء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
و مع هذا كانوا يقدمون رجلا حديث الاسلام لم يضحي في سبيله بعد بل كان يحاربه حتى وقت قريب مثل خالد بن الوليد الذي ولي قيادة جيش مؤتة لانه هو الرجل المناسب صاحب التخصص و المواهب القيادية
و كذلك رفض رسول الله تولية ابي ذر الامارة و كان يقدم عليه رجالا ربما كانوا اقل منه تدينا و تضحية و بطولة و لكن لانهم اكثر منه كفاءة في ادارة ما طلب منهم القيام به

قد نمصمص شفاهنا جميعا موافقة و تاييدا لهذا المنطق السلس الطبيعي و لهذه المسلمات البديهية
و لكن عند التطبيق يبرز التناقض
ليتنا نستطيع تطبيق هذه البديهية و نعطي العيش لخبازه و لو اكل نصفه و نرى حكمة الاجداد مطبقة في مؤسساتنا و وزاراتنا و اداراتنا الحكومية و في مشروعاتنا الخيرية و في القنوات الفضائية الدعوية و في الاداب و الفنون الملقبة بالاسلامية

قد تكون بعض المشروعات مضطرة في بدايتها للاستعانة باهل الثقة و لو ضعفت كفاءاتهم بسبب اعراض اهل الكفاءات عن التطوع و العمل في هذه المؤسسات التي قد لا تعطي مقابل مجزي
و لكن قد تتطور هذه المؤسسات و يتحول المغرم الى مغنم و هنا يتم مكافأة من تطوع وقت الصعاب على حساب المشروع و على حساب تحقيقه لاهدافه و يتم معاقبة صاحب الكفاءة ممن انصرف عن المشروع وقت ضعفه فيتم معاقبته باستبعاده و تهميشه
و المكافأة و المعاقبة بهذا المنطق لا تؤدي في النهاية الا الى ضعف المشروع ثم سقوطه و هذا ما يفسر (مع وجود اسباب اخرى) كيف تنهض المشروعات الخيرية في البداية حتى تصل درجة نمو لا باس بها ثم تضمحل مع الوقت بينما مشروعات و مؤسسات الغرب تنمو و تزدهر مع مرور الوقت

نسأل الله ان يرينا الحق و يرزقنا القدرة النفسية على اتباعه

تعليقات

التسميات

عرض المزيد