السياسي المتعجل سينتحر يأسا او سيذهب الى اقرب مصحة نفسية او سيطلب من الاعداء احتلال بلده

تستطيع تسخين براد شاي الى درجة الغليان باستخدام ابسط موقد (سبرتاية) و لكن تسخين ماء البحر و زيادة درجة حراراتها خمس درجات فقط يحتاج اشعاع الشمس يوميا لمدة فصل من فصول السنة
و كذلك الشعوب لا تمنح ثقتها في حزب او تيار بسهولة و لا تتراجع عن ثقتها في هذا التيار بسهولة ايضا
فقد احتاجت قريش الى 20 سنة كي يؤمن اغلبها بصدق رسالة ابن القبيلة الذي عرفوه قبل الرسالة و بعدها و ما شهدوا عليه كذبا قط او خفة قط
و هناك من المفكرين و اصحاب النظريات من عرفت مجتمعاتهم و قدرت عظمة افكارهم بعد موتهم بسنوات (مالك بن نبي و جمال حمدان) و ربما بقرون (مثل ابن خلدون )
و بطء الشعوب في الفهم و التصديق ليس عيبا مطلقا و انما هو فائدة عظيمة
انت نفسك كم من مرة تحمست لراي و ظننت انه الراي الاصوب و بعد مرور الايام اكتشفت خطأك او اكتشفت ان هناك بدائل افضل تخيل لو ان اهلك و ناسك اندفعوا خلفك دون تمحيص تخيل مصيرهم
و هانحن على اعتاب مرحلة جديدة من الحياه التي نتمنى ان تكون ديمقراطية يجب على صاحب التوجه السياسي ان يتعرض لعدد ضخم من التجارب و الاختبارات حتى ينتصر لرايه
عليه اولا ان يتعرض لتجربة ان يتعرف على اقرانه و نظراءه و ان يكون معهم تنظيما حزبيا و فريق عمل ناجح في محيطه الاقليمي ثم يدخل هذا الفريق في تجربة التالف و الامتزاج في فريق عمل اكبر ثم يتعرض لاختبارات اقناع طوائف الشعب المختلفة نساءا و رجالا شباب و شيوخا اغنياء و فقراء من سكان العشوائيات و سكان القبور و سكان القصور مدنيين و عسكريين متدينين و غير مهتمين
مطلوب منك ان تثبت لكل قطاع بل كل فرد من هؤلاء مدى فاعليتك و ايجابيتك و صبرك
كل واحد من هؤلاء سيقيسك بطريقته و يختبر صبرك من اول و جديد وفق ما يراه مناسبا
منهم من يهاجمك و ربما يظلمك ليختبر رد فعلك و منهم من يرقبك عن كثب و منهم من يختبر مدى علمك بعدد اعواد الجرجير في حزمة الفجل
يا اهل السياسة الجدد لو ان احدكم تقدم لخطبة فتاه سيضعه اهلها تحت الميكروسكوب لاتنهم سياتمنونه على مستقبل ابنتهم فما بالكم بشعب سيسلمكم مصيره و مصير ابنائه و احفاده
((و جعلناهم ائمة يهدون بأمرنا لما صبروا)) الصبر شرط الامامة و الاحتواء
و الاستيعاب شرط جمع قلوب الناس ((و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك))
و تقديم النفع للناس شرط المكث في الارض ((و اما ما ينفع الناس فيمكث في الارض))
و التفوق الحقيقي و الاحسان هو ما يجبر الناس على تجاوز الوسطة و الرشوة و اللجوء الى المتفوق المحسن صاحب الكفاءة في ساعات الازمة كما تجاوز الملك كل العقبات و امر باخراج يوسف من السجن ليستخلصه لنفسه مستشارا امينا و شريكا في السلطة
بينما السياسي المتعجل سينتحر يأسا او سيذهب الى اقرب مصحة نفسية او سيطلب من الاعداء احتلال بلده

تعليقات

التسميات

عرض المزيد