السبب في الظواهر الانسانية و السبب في الظواهر الطبيعية

من اكثر اخطاء التفكير الشائعة لدي المثقفين المصريين انهم لا يفرقون بين كلمة سبب في الظواهر الانسانية و كلمة سبب في الظواهر الطبيعية
فتجد المثقف المتعلم المستنير عنده تصور ان لو الفقر او الظلم يسبب العنف كأننا قلنا له الاجسام تتمدد بالحرارة يعني كل جسم لابد يتمدد بالحرارة و لو وجد جسم لا يتمدد بالحرارة يبقى القانون غلط و على نفس المنوال تجده يقيس و يصل الى النتيجة اللوذعية ان هناك فقراء كثيرون لا يلجأون للعنف
الحقيقة ان الظواهر الانسانية تحدث غالبا نتيجة عدة اسباب متضافرة و ليست مجرد مجتمعة
و ان اسباب الظواهر الانسانية ليست حتمية لان الانسان مخير و ليس مجبر قدريا و لا جينيا و لا بيئيا و لا حتى نفسيا
و ان الحالة الانسانية و الاجتماعية ممكن نعتبرها ظاهرة رغم انها لا تشمل الا قلة من المجتمع و لكنها قلة مؤثرة على حياة الغالبية او على حياة نسبة كبيرة من المجتمع فلو ظهرت عشر حالات خطف اطفال في مدينة فيها مليون نسمة فنحن امام ظاهرة خطف اطفال رغم ان الضحايا اقل من واحد في الالف و الجناه واحد في المليون
يعني لو البيئة العادية فيها جريمة عنف سنويا لكل مليون نسمة و وجدنا بلد فيها جريمتين عنف سنويا لكل مليون نسمة فنحن هنا امام مجتمع العنف فيه نسبته اعلى من المعدل الطبيعي و ربما نطلق على هذا مسمى الظاهرة و نبدأ في تحليل الاسباب بغرض معالجتها "مجرد مثال لتقريب الفكرة"
فلو اننا امام بيئة عشوائية مهمشة على اطراف مدينة غنية و هذه البيئة ينتشر فيها جهل و فقر و مرض و ادمان و خطاب ديني متشدد و انعدام لمساحات الترفيه و التريض فطبيعي ان تكون تلك البيئة محضن لكثير من السلبيات الانسانية و من الطبيعي ان يكون شاب من كل عشرة شباب متحرش او متطرف نتيجة تفاعل التهميش مع الفقر مع المرض مع الادمان مع مع و لا يبطل هذا التحليل ان هناك تسعة شباب من كل عشرة لا يتحرشون او ان تدينهم معتدل او انهم على خلق و هكذا و كذلك لا يبطل التحليل ان يكون قادة هذا التطرف المحتضن في البيئة العشوائية من ابناء الطبقات الراقية لان ابن الطبقة الراقية عندما اراد الانفلات لم يجد في مجتمعه بيئة حاضنة "مجرد مثل لتقريب الفكرة للاذهان"
يا رب اكون قدرت اقرب الفكرة للسادة الاطباء و الباشمهندسين

تعليقات

التسميات

عرض المزيد