هذه الايام الكئيبة لن نحك عنها لابنائنا
شخص طيب اعرفه عاصر حرب اكتوبر و شارك فيها و اصيب فيها و رغم انه قضى فترة تجنيد اصلية و اضافية ربما اكثر من خمس سنوات و ربما شارك في حرب الاستنزاف ايضا الا انه لا يحكي شيئا قط و لا حتى عن قصة اصابته و لا عن فترة تجنيده و لا حتى لابنائه الا حكاية واحدة طريفة على سبيل الحصر في فترة التجنيد و تتعلق بحضوره حفلة لعبد الحليم نظمتها الشئون المعنوية و غير ذلك لا يحكي و ربما لا يسمع حتى اسئلة محدثه عن الحرب
كنت لا افهم لماذا لا يحكي و يفتخر بالصدق او حتى بالادعاء او بالحكي من وجهة نظره
الان فقط عرفت
و قد سمعت نقلا عن باحث انثروبولوجي راسخا في علمه ان تلك الفترة التي نحياها في مصر حاليا اذا لم توثق جيدا و يتم جمع الحكايات و الروايات من افواه الناس الان "الجمع الانثروبولوجي يختلف عن التوثيق الناريخي" فان كل تلك المرحلة ستدفن و سيطويها النسيان و حكى عن تجربة مماثلة في باكستان في اقليم معين حدثت فيه احداث استقطاب و عنف طائفي و سياسي حيث امتنع سكان الاقليم كافة عن الادلاء باي معلومات او حكايات عن احداث لم يطويها النسيان
و عندما سالوا الباحث هل سبب الامتناع عن الحكي ترهيب سياسي ؟ فاجاب بالنفي و قال انه خليط من مشاعر الالم و العار و المرارة جعلت من المستحيل على الانسان ان يعبر و يعمل ذاكرته في تفاصيل تلك الفترة الكئيبة من حياته حيث يحدث ما يشبه الفقدان الجماعي للذاكرة و تصبح فترة ما من تاريخ جماعة من الجماعات كان لم تكن
و هنا يفتح الباب واسعا كي يكذب المؤرخون و يزور التاريخ و ابطاله ربما على قيد الحياه لكنهم لم يعودوا حريصين على تكذيب مجرد تكذيب الرواية المزورة
احكوا حكايتكم الان و حطوها في ازازة و ارموها في البحر او في مدونة و انسوا الباسوورد لانكم غالبا لن تحكوها بعد ذلك
تعليقات
إرسال تعليق