تأملات ثورية على هامش فيلم "The Battle of Algiers"

The Battle of Algiers
اعترف بجهلي بتاريخ تحرر الجزائر الذي لا ينبغي لقارئ او ثائر او مثقف عربي ان يجهله لذلك كان فيلم  "The Battle of Algiers" و هو فيلم روائي اضافة كبيرة لمعلوماتي عن الجزائر
الفيلم انتاج عام 1966 اخراج المخرج الايطالي جيلو بونتيكورفو و بطولة الجزائري ياسف سعدي، و الفرنسي  Jean Martin
و قد زاد الفيلم من ترسخ قناعتي بأن الانتاج المشترك يصنع افضل الافلام  لانه يكون نتيجة رؤية مشتركة للاحداث التاريخية و  الجوانب الثقافية و ان كانت الجودة الفنية غير مرتبطة حتما بدقة التوثيق التاريخي لكن ما يهمك من فيلم روائي ان تفهم كيف ينظر كل طرف  للصراع بصرف النظر عن مدى مصداقية نظرته او مدى تقاربها  مع وجهة نظرك الشخصية او الرصد الموضوعي للحدث
مما اثار انتباهي في الفيلم انه نقلني الى بيئة الصراع في مدينة الجزائر العاصمة حيث شعرت و كأني لامست الحي العربي و الحي الفرنسي
كما لفت انتباهي التاثر الشديد بل التتلمذ الفلسطيني على جبهة التحرير الجزائرية  و كذلك التشابه الكبير بين تصرفات جيش الاحتلال الفرنسي و جيش الاحتلال الاسرائيلي بالذات في فترة الانتفاضة الاولى
لفت الفيلم انتباهي لمدى التشابه العجيب بين طريقة تفكير قائد المظلات الفرنسي و استراتيجيته في  تصفية جبهة التحرير و بين اسلوب العسكر في بلادنا و رؤيتهم للحركات المعارضة و الثورية و مدى ازدواجية خطاب الراي العام الفرنسي المساند و اللائم لعسكر فرنسا على تجاوزاتهم في حق الشعب الجزائري بينما يريد منهم تصفية الثورة لكن بدون ازعاج اخلاقي و كذلك ازدواجية القائد الفرنسي ذاته الذي كان قبل تاريخ مهمته في الجزائر باقل من عشر سنوات بطلا ثائرا ضد الاحتلال النازي لبلاده في ازدواجية عجيبة تم توظيفها خصيصا  باعتبار ان القائد الثائر سابقا هو خير من يفهم عقلية الثوار حاليا
الفيلم لم يركز على المعارك و شغل "الاكشن" الذي يجذب الزبائن لشباك التذاكر بل اهتم بابراز التفاعل الانساني بلمسات دقيقة و  لكنها سريعة حتى لا يغرق  المشاهد في الميلودراما و الجو الملحمي
ليس في الفيلم عيب من وجهة نظري سوى اصرار الاخراج على جعله ابيض و اسود وفق مبررات و سياقات كانت مقبولة في زمانها لكنها قللت بدرجة ما من قيمته لدى المشاهد المعاصر
على الجانب السياسي و الثوري كان اعجب ما في الرواية ان عسكر فرنسا نجحوا في تصفية المكتب التنفيذي لجبهة التحرير و اذا بالثورة الشعبية الشاملة تندلع بعد ان تم الانتهاء من تصفية الثوار و كما هي عادة الثورات دائما مفاجئة و لاسباب مجهولة و مناسبات تحدث و تتكرر يوميا و لكنها في يوم ما تتحول الى سبب لثورة شعبية جارفة لا تبقي و لا تذر
هل احيت الجبهة الثورة في نفوس الجزائريين ثم اجهضتها بقيودها التنظيمية التي كانت تصر على تأطير الثورة بها فلما سقط الاطار افرج عن الثورة ؟ ام ان الشعب فوجئ بعد موت الثوار انه امام الحقيقة عارية و انه لابد ان يتحمل مسئولية ذاته بلا وصاية قائد و لا تبعية لزعيم ؟

تعليقات

التسميات

عرض المزيد