التلميذ الحفيظ و سراديب المستخبي و تسعة و خمسين داهية

عندما اقرأ لاحدهم فأجده يبدأ احدى فقرات مقاله بتلك العبارة "ادركت اميركا بعد احداث 11 سبتمبر ان ...." اعرف انني امام تحليل لطالب علم نجيب قضى حياته التلقينية اسير الملزمة او الكتاب الذي يدرس له و ان عليه ان يعيد التعبير عن نية واضعي المحتوى الدراسي او بالطريقة التي تنال اعجابهم فيعطونه الدرجة كاملة تقديرا منهم لنجاحهم المؤسسي في اصدار نسخة جديدة من حاملي الاسفار و يعتبر النجيب ان المقولات البروتوكولية التي ربما قيلت في حفل عشاء دبلوماسي و التي دونت في اسفار التشريفات التي يحملها على ظهره يعتبر اختبارها نوع من التفتيش في النوايا المخالف لمناهج العلم التي حفظها دون ان يفهمها حيث ان سيادته لا يمارس عمليا فكرة اختبار الفروض او مناقشة الاثبات او استقراء الوقائع و الاجتهاد في الربط بينها

و عندما اجد احدهم افتتح مقاله بان يستشهد بعبارة لاسم اجنبي وردت في مصدر اسمه اجنبي و التأكيد ان فلان يعمل في احدى اهم دوائر صنع القرار في مراجيح مولد السيد المسيح في الولايات المتحدة او اوروبا و تكون تلك العبارة تحوي معنى "اننا يجب ان نحارب الاسلام - لابد ان نفتت الدول العربية - لابد ان نفعل اشياء شريرة لاننا شياطين - لابد و ان نجلب من كل رجل قبيلة و نفتت دول الشرق الاوسط قبل ان يضحك المصدر الاجنبي ضحكات شريرة اجنبية متقطعة كما اكد المصدر الاجنبي" عندما اجد ذلك اعرف بالطبع انني امام مقال شبه ايدولوجي من النوع الردئ و المستهلك الذي كان و لا زال يقدم لدروايش الصنف "الاسلامي او القومي او الدولتي او العلماني "

فئات التلميذ النجيب و دراويش الاصناف الرديئة موجودين في كل العالم و ربما لا ضير منهم بالعكس فهم احيانا يكونون مادة استعمالية جيدة لمن يريد ان يتاجر في الصنف او ان يستعين بالنجباء في تنفيذ خططه و ربما مؤامراته "انت بتقول مؤمرات يبقى انت بتاع نظرية المؤامرة بتاعة المتخلفين"
لكن كما لدراويش الصنف و النجباء فائدة لمن يستعملهم فإن لهم اضرار بالغة على انفسهم و على من يتبعهم و بما ان هؤلاء في بلادنا لا يتبعهم نفر قليل يجتمعون في حديقة و لا حتى مركز دراسات على قد حاله و يشربون اصنافهم و يروحوا و لكنهم متبوعون من جماهير عريضة تؤمن بهم و تضحي في سبيل اثبات نبوءاتهم بالغالي من اموال و ارواح و تشريد و سجون و جراح و مستقبل بلاد و شعوب
ففي تاريخ مصر وحده على مدى قرن واحد رأينا اعاجيب من اتباع النجباء و الدروايش فقد رأينا ثورة تقوم ليس لاجلاء المستعمر و قد كانت قادرة ان حاولت و لكن لارغام المستعمر على السماح للوفد المصري ليترافع عن قضية استقلال مصر في عصبة الامم و طبعا ستكون المرافعة قوية و مدوية فتدمع عيون العالم و ينبهر بفصاحة الوفد المصري فيصدر حكما تاريخيا غير مسبوقا و ربما غير ملحوقا باجبار بريطانيا على الانسحاب من مصر فتضطر الدولة العظمى للانسحاب محسورة محزونة
و من قبله نجيب راح يترافع في باريس ظانا ان المرافعة لو طلعت منه حلوة ممكن فرنسا تدخل تثأر لمعركة ابي قير و تجبر بريطانيا على الانسحاب فاصيب بخيبة الامل عندما لم يحدث ذلك
و نجيب اخر ظن ان مطالب الثورة ستتحقق لو البلد فيها دستور حلو
هذا عن النجباء اما عن الدروايش فلا داعي لتوضيح ما هو واضح يكفي فقط ان تكتب في جوجل احد
مفاتيح البحث التالية و ستظهر الامثلة "قرب ظهور المسيخ-المهدي - الملحمة الكبرى - هرمجدون - اخر الزمان - عمر امة الاسلام - القادمون the arrivals - الماسونية - الجيل الرابع - فرسان مالطة -علامات الساعة الكبرى و الصغرى - نبوءات نوستراداموس -الحكومة الخفية - مثلث برمودا - انتفاضة رجب - نطق الحجر و الشجر -نبوءة زوال دولة اسرائيل "
بما ان النجباء و الدراويش لم يكتفوا بجلب الضرر لانفسهم و لكن جنوا على امة لذا ينبغي طرح طرق اخرى في التفكير حتى يصير المخدر مجرد اختيار بدلا من وضعه الراهن كغذاء اساسي تلام الام اذا لم ترضعه لاولادها و يلام خطيب المسجد و كاهن الكنيسة اذا لم يلمح به ان عجز عن التصريح و يلام المدرس و استاذ الجامعة و الخبير الاستراتيجي اذا تخلى عن النجابة و يكافئ الجهبذ الاستراتيجي بسخاء اذا تبنى الدروشة "جبنالكم درويش بيعرف انجليزي كذبوا العلم بقى"

تعليقات

التسميات

عرض المزيد