التغييرات الثقافية السريعة تؤدي لاستقطابات عميقة
لاحظت ان كل السياسيين الذين دفعوا شعوبهم نحو تغييرات ثقافية سريعة سببوا استقطابا عميقا في بنية مجتمعاتهم يصعب ازالتها بمرور الزمن الطويل
يعني الاخ اتاتورك كان حاطط نقره من نقر الطربوش و الحجاب و كان همه ينام و يصحى و يلاقي شعبه شعب اوروبي مظهرا و جوهرا فسبب شرخا عميقا في المجتمع لم يلتئم رغم مرور قرن من الزمان و ربما يحتاج الى قرن او نصف قرن قادم
بورقيبة كان معاديا للتقاليد التونسية و لكنه كان اقل تعجلا من اردوغان فسبب شرخا اقل عمقا
و في التاريخ الدول التي تبنت نشر مذاهب او اديان بعينها فرقت الناس و صنعت اقليات و طوائف و فتت الانسجة الطبيعية
ارى ان يقتصر دور السلطة على اقامة العدل و حفظ الامن و تطبيق القانون و الانشغال بالخدمات الاقتصادية و ترك التدخل في اديان و معتقدات و افكار الناس و ازيائهم و عاداتهم و تقاليدهم
و على المجتمع ان يتحاور و يتجادل و يصنع اعرافه و ضوابطه و ينقدها و ينقضها كلما تغيرت الظروف و تطورات الاحوال
و لاحظت ايضا ان الديمقراطية قد تبطئ من حركة النخب الواعية المستبصرة بالمستقبل و تحد من قفزات النبهاء و اصحاب العقول النيرة و لكنها تجبر الاقلية الاحد بصرا ان تأخذ بيد الاغلبية و تحاورها و تبسط لها و تسوسها و تؤثر فيها بالفن و الفكر و التعليم مما يحفظ وحدة المجتمع و لا يحدث انفصال بين المثقف و بيئته و حاضنته الشعبية
فيكون التقدم الاجتماعي رغم بطئه الا انه لا يتراجع الى نقطة الصفر في كل حين و تجد الشعب يناقش نفس القضايا التي ناقشها اجداده منذ قرن او قرن و نصف كما يحدث في مصر و تركيا و كثير من بلاد المنطقة لدرجة ان من يقرأ لقاسم امين يشعر انه يقرأ لكاتب معاصر و كان قرنا لم يمر و اربعة اجيال لم يتواصلوا
و ربما تلك من حكمة هارون في حفظ وحدة بني اسرائيل حين عبدوا العجل
تعليقات
إرسال تعليق