قصة الصحوة الاسلامية من هزيمة يونيو الى ثورة يناير -عرض مختصر و وجهة نظر شخصية
بعد هزيمة 1967 بدات تظهر موجة فكرية ثقافية سياسية نحو التدين بانماط و اشكال مختلفة و عرفت تلك الموجة باسم (الصحوة الاسلامية) و كان توجه مرضي عنه امريكيا و مدعوم سعوديا كحائط صد ضد الشيوعية في فترة ما سمي بالحرب الباردة
موجة الصحوة الاسلامية كانت قد بلغت اشدها في نهاية عقد الثمانينات و بداية عقد التسعينيات حتى بات الاسلاميين كما لو كانوا على وشك الوصل الى السلطة في اغلب البلدان العربية بل و الاسلامية في اسيا في جمهوريات حديثة الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي
الدعم الامريكي و الخليجي للصحوة قد بدا في التوقف تدريجيا بعد انتهاء الحرب الباردة و سقوط الشيوعية نهائيا
و قد بدات الحكومات تعاني من تيارات الاسلام السياسي الذي يريد منافستها على السلطة و التيار الجهادي الذي ينازعها بالسلاح
فاعلنت الدولة المصرية الحرب على ما سمي الصحوة الاسلامية و اعلنوا سياسة سميت بـ"تجفيف المنابع" و ترأست سوزان مبارك زوجة الرئيس المخلوع لجنة فيها وزراء الثقافة و الاعلام و التعليم و السياحة و الداخلية مهمتها تنفيذ تلك السياسة "تجفيف المنابع" لمكافحة التيار الاسلامي و تناميه في مصر
سياسة تجفيف المنابع تورطت في الحرب على التدين ذاته باعتباره احد اهم منابع الارهاب من جهة و منابع الاسلام السياسي من جهة اخرى فظهرت الدولة كما لو كانت تحارب الاسلام رسميا
و انتشر تنظيم في الجامعات بدعم و اسناد من الدولة اسمه "حورس" و كانت خطته انه يستوعب الشباب في النشاط الترفيهي ليصرفهم عن التدين
فانتشر على اثرها الزواج العرفي في الجامعات و المخدرات بين الشباب و بدت الدولة عاجزة عن حفظ المجتمع من الانهيار الاخلاقي لان التدين السلفي و الاخواني و الجهادي ينسحب ليس امام تدين مستنير او علمانية ثقافية و لكن التدين الحزبي يتراجع في مقابل الفراغ و الانهيار و المخدرات
و في شهر 5 عام 2000 قبيل انتهاء العام الدراسي هاجم الكاتب محمد عباس رواية مدعومة من ميزانية وزارة الثقافة فيها الفاظ سب للذات الالهية و للدين و تدعوا للالحاد "او هكذا قيل" اسم الرواية "وليمة لاعشاب البحر" فخرجت مظاهرات عارمة من المدينة الجامعية للازهر و عدد من الجامعات و بدات المظاهرات بالتمدد كما لو كانت مقدمات ثورة اسلامية ضد الدولة التي تحارب الاسلام و تطبع روايات تحارب الله و رسوله و تضرب طلاب الازهر و تم استدعاء صورة نابليون و اقتحام الازهر بالخيول و صارت الدولة في وضع لا تحسد عليه
و هنا اظهرت الدولة عناد و صلابة في مواقفها لكنها فعليا اوقفت سياسات تجفيف المنابع فتم عزل وزير الشباب و الرياضة "عبد المنعم عمارة" و حل تنظيم حورس و تعيين الدادة الخاصة بجمال مبارك وزير شباب "علي الدين هلال" الذي اوقف المعسكرات و المخيمات المختلطة و فتح بعض المنتديات الثقافية
و بدات الدولة البحث عن داعية او دعاه يؤثرون في الشباب و يوجهونهم للتدين الاخلاقي الذي لا يصطدم بالسياسة و لا يتدخل فيها فيكون حل لمشكلة انهيار المجتمع اخلاقيا و كذلك يسحب البساط من تحت اقدام تيار الاسلام السياسي
و هنا ظهر عمرو خالد في نهايات عام 2000 و بداية 2001 كداعية شبابي جذاب و مؤثر و "ستايل" و تم التوافق الضمني بينه و بين كل الاطراف على عدم ابراز انتماءه لجماعة الاخوان مقابل ترك حرية الحركة له
انتشر عمرو خالد بشكل قوي و تزامن ذلك مع تصدي شارون لضرب الفلسطينيين و قمع انتفاضتهم الثانية ثم ضرب و غزو و احتلال العراق فكان عمرو خالد بمثابة القشة للبعض و المسكن بالنسبة للبعض و الاسفنجة التي تمتص فائض الغضب بالنسبة للبعض "يعني متعدد الاغراض"
و كانت له حلقات شهيرة اثناء الغزو الامريكي على العراق "حتى يغيروا ما بانفسهم" خلاصتها اننا لازم نبقى كويسين علشان ربنا ينصرنا و عمل كل يوم حلقة عن صفة لازم نغيرها علشان نبقى مؤهلين لنصر الله
حلقات عمرو خالد و تصريحات سعيد الصحاف وزير الدفاع العراقي و قناة الجزيرة كان لهم دور مؤثر و رهيب في شحن و تفريغ طاقات الناس حتى انتهت امريكا تماما من التهام العراق
و كانت هذا الحدث و ابشع هزيمة تلقاها الوجدان المصري و العربي منذ هزيمة 1967
فخرج عمرو خالد في نهايات نفس العام البائس بالدعاية لبرنامج اعلامي عملي يخلص الامة من كبوتها و يدفعها الى النهضة خلال عشرين سنة البرنامج اسمه "صناع الحياه" و بدا في فبراير 2004 مع دعاية مكثفة جدا
و بدات الحلقات و بدات تتشكل فرق على الارض و بدا ناس عاديين ينفذون واجبات عملية من شانها فك القيود و استنهاض الهمة لبدء مشوار النهضة
كان البرنامج لشريحة كبيرة من شباب مصر و فلسطين و الاردن و كثير من البلاد العربية يمثل ثورة حقيقية لا تقل تاثيرها عن الربيع العربي
بدا التضييق على البرنامج تدريجيا بسبب قرب انتخابات الرئاسة المصرية بدا عمرو خالد" يشوط الكورة في الاوت "
بدات امن الدولة تخترق و تخرب كل تنظيمات و جمعيات صناع الحياه في مصر
و تزامنا مع مقاومة حزب الله و حربه على اسرائيل حدث تفاعل شعبي عربي و مصري قوي جدا مناصرة لحزب الله و هنا اطلقت الدولة اشارة البدء للقنوات الدينية السلفية المعادية للشيعة و التشيع لتوازن تأثير حزب الله من جهة و تسحب جزء من السجادة من تحت ارجل الاخوان الذين باتوا يمثلون البديل المنتظر لاستلام السلطة اذا ما حرم منها جمال مبارك
انتهى دور عمرو خالد و انتهت الاسفنجة و ابتدات في التحلل التدريجي مع برنامج مجددون و برامج اخرى تزداد تفاهة و تسطيح و كلفة اعلامية و تصنع و ابتعاد عن حياة الناس
و قامت ثورة يناير
هذه هي قصة الصحوة الاسلامية باختصار من وجهة نظر العبد لله
تعليقات
إرسال تعليق