لماذا لن يعود تنظيم الاخوان المسلمين مرة اخرى؟
تكرار وقائع تاريخ الاخوان المسلمين بلا اي تغيير او استفادة من التجربة رسب عند بعض المتابعين قناعة ان للاخوان دورة حياه تبدأ من حيث تنتهي و تنتهي من حيث تبدأ
وانا اوافقهم في الرأي من حيث المبدأ لكنني ارى ان في هذه المرة ان دورة حياة تنظيم الاخوان قد انتهت او على وشك الانتهاء وانها لن تبدأ مرة اخرى لوجود عوامل غيرت المناخ والبيئة الصالحة لنمو وانتشار تنظيم الاخوان او اي تنظيم مشابه
- ثورة الاتصالات: على الرغم من ان ثورة الاتصالات عجلت بتفاعلات الاسلاميين عموما و ساعدتهم في الوصول بخطابهم الى فئات و بيئات ما كانوا يحلمون بالوصول اليها الا انها كانت بمثابة الطعم و الفخ الذي اغرى الفريسة ثم انقض عليها لانها فتحت المجال لهم و لغيرهم لانهم كانوا الاكثر استعدادا فكانوا الاسرع استخداما و توظيفا لكن مع الوقت تقاربت المسافات وبدأ منافسيهم و خصومهم في التفوق عليهم انتشارا وعمقا وتاثيرا
وحتى في الجولة الاولى من جولات ثورة الاتصالات في عالمنا العربي وهي الجولة التي شهدت التفوق الاحتكاري للاسلاميين كان التفوق فيها للخطباء على التنظيميين وتغلبت الادبيات على اللوائح و الاطر التنظيمية وتغلب السلفيين على الاخوان والسبب في ذلك هو ان ثورة الاتصالات تزيل الحواجز والعوائق وتقيم الجسور و بالتالي تقلل دور الوسيط التنظيمي و القوالب اللائحية و التراتيب الهيراركية تدريجيا و تجعل القاعدة في مواجهة القيادة لذلك كانت القيادات تتهرب تهربا تاما من استخدام مواقع التواصل ليس فقط لكبر سنهم فقط ولكن لعلمهم ايضا ان ذلك التواصل من شأنه هدم بل تذويب التنظيم "الصنم" و جعل الفكرة عارية من زخرفها و زخمها الاساسي القائم على التنظيم والعدد
كما ان لثورة الاتصالات دور في ابراز المبادرات الفردية و وضع الافكار و الخطابات الايدلوجية و غير الايدلوجية في سوق واحد و اصبح لكل فكرة مهمها صغرت او كبرت عظمت او تفهت منافسين عن يسارها و عن يمينها كما اتاحت ثورة الاتصالات تقديم الافكار مفككة وجزئية ومجزأة بمعنى انك لست مضطرا لان تكون سلفيا او اخوانيا كي تكون في صحبة متدينين لن تجدهم الا هناك فتضطر ان تحمل الانتماء كاملا رغم احتياجك الجزئي للصحبة وما عاد الشاب يضطر ان يكون اخوانيا ليجد فرصة في رحلة ولا مضطر ان يكون اخوانيا لمجرد ان يمارس المعارضة او لحاجته لاصدقاء او لحاجته ليجد وسيط يقربه من قضية فلسطين ودعم المقاومة او ليجد فرصة ليعمل في لجنة بر اي ان الشاب او الشيخ لم يعد بحاجة لحمل اعباء تنظيم كامل بكل مشتملاته و شمولياته من اجل تلبية حاجة جزئية ملحة تتوق لها نفسه
خلاصة هذه النقطة ان ثورة الاتصالات فتحت مجال المنافسة الكاملة للافكار و الخطابات و التواصل مع تقليل دور الوسطاء مع اشباع حاجة الفرد للانتماء و الممارسة و التعبير بدون تنظيم او اضطرار لحمل ايدلوجية كاملة
- تحولات الطبقة النصف حضرية: لكل تيار فكري او ثقافي او سياسي طبقة او مجال بشري اساسي يتغذى عليه و من خلاله قبل ان ينطلق ويتمدد في ساحات اخرى "بيئة حاضنة" و ارى ان البيئة الحاضنة للتيارات الاسلامية عموما هي بيئة الحيرة بين التمسك بالهوية و بين الانطلاق للامام و البيئة الحاضنة للاخوان خصوصا كانت البيئة النصف حضرية مثل عواصم المحافظات قديما ثم شملت الريف الملاصق للمدينة واحياء المدينة المشبعة بالمهاجرين من الريف للحضر و طلاب المدن الجامعية بينما تكون نسب تأييد وعضوية الاخوان في الريف التقليدي او المدينة التقليدية نسب تأييد قليلة
الا انه و من نهاية التسعينيات من القرن العشرين بدأ تنظيم الاخوان يشهد ظاهرة اطلق عليها الباحث حسام تمام "ترييف الاخوان" اي زحف مظاهر الريف على مظاهر المدينة داخل التنظيم و لم تقتصر الظاهرة على انتشار الاخوان في الريف لكنها امتدت لان يتحول ميزان الاغلبية داخل التنظيم لصالح الريف وعصبياته وحسابات مصالحه و عشائريته مقابل التهميش المتوالي الذي تطور الى قوة طرد مركزي لجيل و قيم مؤسسي تنظيم الاخوان في السبعينيات من امثال "عبد المنعم ابو الفتوح وابراهيم الزعفراني وابوالعلا ماضي ومحسن القويعي و غيرهم" حتى اضطر البعض مثل جمال حشمت وعصام العريان ان يتحولوا الى عرائس ماريونيت في ايدي جناح "حب على ايد عمك الحاج يااه"
ظاهرة ترييف الاخوان فضلا عن انها طردت اي بعد نصف حضري مؤثر من التنظيم "بحكم ان المجتمع المصري تقوده الفئة النصف حضرية" الا انها ايضا رسخت لظهور ثلاث انماط رئيسية من المنتمين للتنظيم
1-نمط ابناء اخوان المدينة "الاخواني البيه" الذين ورثوا الانتماء و يرون انفسهم احق بوراثة مكاسب وحصاد تضحيات ابائهم و يروون انفسهم ضباط التنظيم المركزي و فلاحين الاخوان هم الجنود الطيبين "او يجب ان يكونوا كذلك" و هؤلاء سافرد لهم بند لتحليل تأثيرهم
2- نمط الاخواني الريفي الطيب الساذج ذو التعليم المتوسط من كرداسة وناهيا وارياف وعشوائيات محافظة الجيزة والغربية وابن الازهر ودار علوم ممن يستبسلون في تلبية نداء ضباط التنظيم المركزي الذي ينتمون اليه و يصدقون بكل جوارحهم ان "الملائكة تنادي من خلف هذا الوادي" و ان جبريل معهم في رابعة و ان الاخت فلانة حلمت ان مرسي سيصلي العصر في فناء القصر
3-نمط الاخواني الريفي اللئيم من كفر الشيخ والبحيرة والمنوفية و الدقهلية الذي يرى في الاخوان شبكة مصالح بتعيين و بتشغل و بتكفل و تنجح و تخسر في الانتخابات و شعارهم في الحياه "الاخوان عيلتي و اهلي وعشيرتي"
وغير هذه الانماط الثلاثة يوجد تنويعات بشرية اخرى ربما يكون عددها كبيرا و ليس قليلا لكنهم لا وجود لهم و لا تأثير في سياق الاحداث فهم مهما كثر عددهم اغلبية مهمشة من الدولة والتنظيم و المجتمع الله يكون في عونهم
اما الاخواني البيه و الاخواني الريفي اللئيم فهم غير قادرين ابدا على اعادة احياء التنظيم الا اذا تلقوا تمويل مالي ضخم و صريح ومستمر لمدة طويلة وحتى في حالة تلقيهم تمويل لائق بطموحاتهم فإنهم لن يصمدوا امام منافسة شبكات الحزب الوطني القديم في الريف و الحضر او امام منافسة من حزب النور اذا اعيد نفخ الروح فيه
الاخواني البيه والاخواني الريفي اللئيم ليس له حيلة الا بالمتاجرة بدم الاخواني الريفي الساذج الذي سيقل تدريجيا وجوده بسبب فناءه بالقتل و القمع والذوبان والاضطهاد والتهميش وتخلصه التدريجي من السذاجة او انضمامه او تعاطفه مع تنظيمات اخرى جهادية عندها قدرة اعلى على توظيفه غير التوظيف الحالي القائم على استنفاره ثم تسجيل ذبحه وعرضه على الشاشات بالتصوير البطئ والايقاع الصوتي المنغم الذي يعده ويقدمه الاخواني البيه ويشحت بيه
-الاخواني البيه "اخواني بالوراثة" : لم ينضم للاخوان بدافع تدينه ولا رغبة متحرقة لاعادة الاندلس السليب وتحرير الاقصى الاسير لكن سيادته هو المعتصم الذي حلم بانجابه الاب الاخواني والام الاخوانية
ولد ليصل الى السلطة ويقود جنود الاسلام ويحفزهم على الفناء والفداء ثم يفتح عمورية والقسطنطينية وروما وباريس ويعفو عن الرجال ويسبي النساء ويحسن معاملتهن ليرغبهن في الاسلام
هذا الاخواني بالوراثة سخر لتربيته منذ الطفولة الاولى و حتى شبابه عدة مشرفين متطوعين يربونه و يدلعونه ويعالجونه من ادمانه متأسيين بمعلم صلاح الدين ومؤدب محمد الفاتح ويزرعون في اعمق اعماق وعيه و لاوعيه قيامة ارطغل احلام جيل النصر المنشود
هذا النمط الذي يسود تدريجيا ما بين اخوان المدن قادر لوحده بدون اي اجهزة اعلامية مضادة و بدون ما يتكلم كلمة واحدة على تطفيش اي انسان سوي من الانضمام للتنظيم او الاقبال عليه وياسلام بقى لو كان الاب طبيب او مهندس او استاذ جامعي او تاجر كبير فاعلم ساعتها انك امام انسان سحنته تفوق سحنة جمال مبارك ذات نفسه انه الامير علاء اخو الاميرة انجي الذي يلوم نفسه صباحا و مساءا على انه لم يطخ النفرين في فيلم رد قلبي
- الظرف الدولي الراهن : بالتخلي التدريجي الامريكي عن التورط في الشرق الاوسط "حيث ان امريكا على عكس ما يعتقد هي الداعم الرئيسي لتيارات الاسلام السياسي سواء دعم سياسي مستتر او التغاضي عن التمويل السعودي او الدعم بالتخطيط او حتى الدعم بالذبح على المسرح صنع كربلائيات جاذبة للطاقة البشرية الخام" و وقوع الشرق الاوسط في ازمة فطام الام الجافية "ماما امريكا" و يتم الشرق الاوسط واضطراره المتزايد للعمل صبي عند روسيا والصين والهند وتقلص الدور السعودي وازدياد النفوذ الايراني والتركي سيقلص فرص دعم واعادة انتاج تيارات السلفية ومن ضمنها التيار الاخواني لصالح العلمنة او العسكرة او الفاشية القومية و التدين الصوفي والشيعي والالحاد و ربما نزوع الغالبية نحو الليبرالية كرد فعل عكسي
- عقبة اعادة تأسيس التنظيم : ذهبت السكرة وحانت الفكرة واي محاولة لاعادة بناء التنظيم الاخواني ستواجه برغبة عارمة من الساذج المذبوح في ضمانات لعدم تكرار الكرة وضمانات لاصحاب المصالح انه لن يخرج من شبكة المصالح والا فانه مستعد لهدمها فوق رؤوس الجميع و بالتالي لن يكون الرجوع ابدا لشكل التنظيم المعتاد و انما لابد من اعادة بناؤه في شكل مؤسسي حزبي او اجتماعي له انتخابات من القاعدة للقمة و له لوائح عضوية واضحة سيسعى كل جناح لصياغتها لصالحه
و عند محاولة صياغة ذلك الشكل سيتفتت الجمع نهائيا "الذي يسير بالقصود الذاتي دون اي قوة دافعة الا قوة رد الفعل" وستحدث المعارك الكبرى التي ربما تصل الى التصفية الجسدية ولو كانت اقل وحشية ستكتفي بالفضائيات والمحاكم وطلب شراكة صريحة من اجهزة الدولة للحكم بين المتخاصمين وجمعهم على كلمة سواء ولو فرض واستطاعوا بناء تنظيم مؤسسي فلن يستمر طويلا لان الكيانات العاطفية تنهار وتذوب بالمؤسسية ولو كانت مؤسسية فاشلة او ضعيفة
خاتمة
اخرجوهم من السجون فانهم لن يعودوا مرة اخرى و ربما باستمرار سجنكم لهم تحولوا دون تفكك تنظيمهم و نهاية اسطورتهم
اخرجوهم لان كامل قوتهم الحقيقية خارج السجن و ما استطاعت ان تفعل شيئا بينما سجن 10% من افرادهم يعطيهم يقين اسطوري انهم لو تمكنوا لسووا الهوايل و ان ما باليد حيلة
اخرجوهم لان الشعب اسقطهم و هم بكامل عتادهم و في ذروة قوتهم بينما قوتهم تزداد تدريجيا بالمظلومية و الاضطهاد
اخرجوهم لانهم بشر و لهم حقوق و نحن كمجتمع معرض للانهيار اذا ما اسرفنا في التباغض و العداوة والكيد الطائفي و السياسي
اخرجوهم لاننا يجب ان نكون بشر
اعتذار : فقد قررت ان اكون نفسي في تلك السطور الطويلة لذا انا اعتبرها خاطرة في مدونتي و لا ارها مقال يناسب الصحف
وانا اوافقهم في الرأي من حيث المبدأ لكنني ارى ان في هذه المرة ان دورة حياة تنظيم الاخوان قد انتهت او على وشك الانتهاء وانها لن تبدأ مرة اخرى لوجود عوامل غيرت المناخ والبيئة الصالحة لنمو وانتشار تنظيم الاخوان او اي تنظيم مشابه
- ثورة الاتصالات: على الرغم من ان ثورة الاتصالات عجلت بتفاعلات الاسلاميين عموما و ساعدتهم في الوصول بخطابهم الى فئات و بيئات ما كانوا يحلمون بالوصول اليها الا انها كانت بمثابة الطعم و الفخ الذي اغرى الفريسة ثم انقض عليها لانها فتحت المجال لهم و لغيرهم لانهم كانوا الاكثر استعدادا فكانوا الاسرع استخداما و توظيفا لكن مع الوقت تقاربت المسافات وبدأ منافسيهم و خصومهم في التفوق عليهم انتشارا وعمقا وتاثيرا
وحتى في الجولة الاولى من جولات ثورة الاتصالات في عالمنا العربي وهي الجولة التي شهدت التفوق الاحتكاري للاسلاميين كان التفوق فيها للخطباء على التنظيميين وتغلبت الادبيات على اللوائح و الاطر التنظيمية وتغلب السلفيين على الاخوان والسبب في ذلك هو ان ثورة الاتصالات تزيل الحواجز والعوائق وتقيم الجسور و بالتالي تقلل دور الوسيط التنظيمي و القوالب اللائحية و التراتيب الهيراركية تدريجيا و تجعل القاعدة في مواجهة القيادة لذلك كانت القيادات تتهرب تهربا تاما من استخدام مواقع التواصل ليس فقط لكبر سنهم فقط ولكن لعلمهم ايضا ان ذلك التواصل من شأنه هدم بل تذويب التنظيم "الصنم" و جعل الفكرة عارية من زخرفها و زخمها الاساسي القائم على التنظيم والعدد
كما ان لثورة الاتصالات دور في ابراز المبادرات الفردية و وضع الافكار و الخطابات الايدلوجية و غير الايدلوجية في سوق واحد و اصبح لكل فكرة مهمها صغرت او كبرت عظمت او تفهت منافسين عن يسارها و عن يمينها كما اتاحت ثورة الاتصالات تقديم الافكار مفككة وجزئية ومجزأة بمعنى انك لست مضطرا لان تكون سلفيا او اخوانيا كي تكون في صحبة متدينين لن تجدهم الا هناك فتضطر ان تحمل الانتماء كاملا رغم احتياجك الجزئي للصحبة وما عاد الشاب يضطر ان يكون اخوانيا ليجد فرصة في رحلة ولا مضطر ان يكون اخوانيا لمجرد ان يمارس المعارضة او لحاجته لاصدقاء او لحاجته ليجد وسيط يقربه من قضية فلسطين ودعم المقاومة او ليجد فرصة ليعمل في لجنة بر اي ان الشاب او الشيخ لم يعد بحاجة لحمل اعباء تنظيم كامل بكل مشتملاته و شمولياته من اجل تلبية حاجة جزئية ملحة تتوق لها نفسه
خلاصة هذه النقطة ان ثورة الاتصالات فتحت مجال المنافسة الكاملة للافكار و الخطابات و التواصل مع تقليل دور الوسطاء مع اشباع حاجة الفرد للانتماء و الممارسة و التعبير بدون تنظيم او اضطرار لحمل ايدلوجية كاملة
- تحولات الطبقة النصف حضرية: لكل تيار فكري او ثقافي او سياسي طبقة او مجال بشري اساسي يتغذى عليه و من خلاله قبل ان ينطلق ويتمدد في ساحات اخرى "بيئة حاضنة" و ارى ان البيئة الحاضنة للتيارات الاسلامية عموما هي بيئة الحيرة بين التمسك بالهوية و بين الانطلاق للامام و البيئة الحاضنة للاخوان خصوصا كانت البيئة النصف حضرية مثل عواصم المحافظات قديما ثم شملت الريف الملاصق للمدينة واحياء المدينة المشبعة بالمهاجرين من الريف للحضر و طلاب المدن الجامعية بينما تكون نسب تأييد وعضوية الاخوان في الريف التقليدي او المدينة التقليدية نسب تأييد قليلة
الا انه و من نهاية التسعينيات من القرن العشرين بدأ تنظيم الاخوان يشهد ظاهرة اطلق عليها الباحث حسام تمام "ترييف الاخوان" اي زحف مظاهر الريف على مظاهر المدينة داخل التنظيم و لم تقتصر الظاهرة على انتشار الاخوان في الريف لكنها امتدت لان يتحول ميزان الاغلبية داخل التنظيم لصالح الريف وعصبياته وحسابات مصالحه و عشائريته مقابل التهميش المتوالي الذي تطور الى قوة طرد مركزي لجيل و قيم مؤسسي تنظيم الاخوان في السبعينيات من امثال "عبد المنعم ابو الفتوح وابراهيم الزعفراني وابوالعلا ماضي ومحسن القويعي و غيرهم" حتى اضطر البعض مثل جمال حشمت وعصام العريان ان يتحولوا الى عرائس ماريونيت في ايدي جناح "حب على ايد عمك الحاج يااه"
ظاهرة ترييف الاخوان فضلا عن انها طردت اي بعد نصف حضري مؤثر من التنظيم "بحكم ان المجتمع المصري تقوده الفئة النصف حضرية" الا انها ايضا رسخت لظهور ثلاث انماط رئيسية من المنتمين للتنظيم
1-نمط ابناء اخوان المدينة "الاخواني البيه" الذين ورثوا الانتماء و يرون انفسهم احق بوراثة مكاسب وحصاد تضحيات ابائهم و يروون انفسهم ضباط التنظيم المركزي و فلاحين الاخوان هم الجنود الطيبين "او يجب ان يكونوا كذلك" و هؤلاء سافرد لهم بند لتحليل تأثيرهم
2- نمط الاخواني الريفي الطيب الساذج ذو التعليم المتوسط من كرداسة وناهيا وارياف وعشوائيات محافظة الجيزة والغربية وابن الازهر ودار علوم ممن يستبسلون في تلبية نداء ضباط التنظيم المركزي الذي ينتمون اليه و يصدقون بكل جوارحهم ان "الملائكة تنادي من خلف هذا الوادي" و ان جبريل معهم في رابعة و ان الاخت فلانة حلمت ان مرسي سيصلي العصر في فناء القصر
3-نمط الاخواني الريفي اللئيم من كفر الشيخ والبحيرة والمنوفية و الدقهلية الذي يرى في الاخوان شبكة مصالح بتعيين و بتشغل و بتكفل و تنجح و تخسر في الانتخابات و شعارهم في الحياه "الاخوان عيلتي و اهلي وعشيرتي"
وغير هذه الانماط الثلاثة يوجد تنويعات بشرية اخرى ربما يكون عددها كبيرا و ليس قليلا لكنهم لا وجود لهم و لا تأثير في سياق الاحداث فهم مهما كثر عددهم اغلبية مهمشة من الدولة والتنظيم و المجتمع الله يكون في عونهم
اما الاخواني البيه و الاخواني الريفي اللئيم فهم غير قادرين ابدا على اعادة احياء التنظيم الا اذا تلقوا تمويل مالي ضخم و صريح ومستمر لمدة طويلة وحتى في حالة تلقيهم تمويل لائق بطموحاتهم فإنهم لن يصمدوا امام منافسة شبكات الحزب الوطني القديم في الريف و الحضر او امام منافسة من حزب النور اذا اعيد نفخ الروح فيه
الاخواني البيه والاخواني الريفي اللئيم ليس له حيلة الا بالمتاجرة بدم الاخواني الريفي الساذج الذي سيقل تدريجيا وجوده بسبب فناءه بالقتل و القمع والذوبان والاضطهاد والتهميش وتخلصه التدريجي من السذاجة او انضمامه او تعاطفه مع تنظيمات اخرى جهادية عندها قدرة اعلى على توظيفه غير التوظيف الحالي القائم على استنفاره ثم تسجيل ذبحه وعرضه على الشاشات بالتصوير البطئ والايقاع الصوتي المنغم الذي يعده ويقدمه الاخواني البيه ويشحت بيه
-الاخواني البيه "اخواني بالوراثة" : لم ينضم للاخوان بدافع تدينه ولا رغبة متحرقة لاعادة الاندلس السليب وتحرير الاقصى الاسير لكن سيادته هو المعتصم الذي حلم بانجابه الاب الاخواني والام الاخوانية
ولد ليصل الى السلطة ويقود جنود الاسلام ويحفزهم على الفناء والفداء ثم يفتح عمورية والقسطنطينية وروما وباريس ويعفو عن الرجال ويسبي النساء ويحسن معاملتهن ليرغبهن في الاسلام
هذا الاخواني بالوراثة سخر لتربيته منذ الطفولة الاولى و حتى شبابه عدة مشرفين متطوعين يربونه و يدلعونه ويعالجونه من ادمانه متأسيين بمعلم صلاح الدين ومؤدب محمد الفاتح ويزرعون في اعمق اعماق وعيه و لاوعيه قيامة ارطغل احلام جيل النصر المنشود
هذا النمط الذي يسود تدريجيا ما بين اخوان المدن قادر لوحده بدون اي اجهزة اعلامية مضادة و بدون ما يتكلم كلمة واحدة على تطفيش اي انسان سوي من الانضمام للتنظيم او الاقبال عليه وياسلام بقى لو كان الاب طبيب او مهندس او استاذ جامعي او تاجر كبير فاعلم ساعتها انك امام انسان سحنته تفوق سحنة جمال مبارك ذات نفسه انه الامير علاء اخو الاميرة انجي الذي يلوم نفسه صباحا و مساءا على انه لم يطخ النفرين في فيلم رد قلبي
- الظرف الدولي الراهن : بالتخلي التدريجي الامريكي عن التورط في الشرق الاوسط "حيث ان امريكا على عكس ما يعتقد هي الداعم الرئيسي لتيارات الاسلام السياسي سواء دعم سياسي مستتر او التغاضي عن التمويل السعودي او الدعم بالتخطيط او حتى الدعم بالذبح على المسرح صنع كربلائيات جاذبة للطاقة البشرية الخام" و وقوع الشرق الاوسط في ازمة فطام الام الجافية "ماما امريكا" و يتم الشرق الاوسط واضطراره المتزايد للعمل صبي عند روسيا والصين والهند وتقلص الدور السعودي وازدياد النفوذ الايراني والتركي سيقلص فرص دعم واعادة انتاج تيارات السلفية ومن ضمنها التيار الاخواني لصالح العلمنة او العسكرة او الفاشية القومية و التدين الصوفي والشيعي والالحاد و ربما نزوع الغالبية نحو الليبرالية كرد فعل عكسي
- عقبة اعادة تأسيس التنظيم : ذهبت السكرة وحانت الفكرة واي محاولة لاعادة بناء التنظيم الاخواني ستواجه برغبة عارمة من الساذج المذبوح في ضمانات لعدم تكرار الكرة وضمانات لاصحاب المصالح انه لن يخرج من شبكة المصالح والا فانه مستعد لهدمها فوق رؤوس الجميع و بالتالي لن يكون الرجوع ابدا لشكل التنظيم المعتاد و انما لابد من اعادة بناؤه في شكل مؤسسي حزبي او اجتماعي له انتخابات من القاعدة للقمة و له لوائح عضوية واضحة سيسعى كل جناح لصياغتها لصالحه
و عند محاولة صياغة ذلك الشكل سيتفتت الجمع نهائيا "الذي يسير بالقصود الذاتي دون اي قوة دافعة الا قوة رد الفعل" وستحدث المعارك الكبرى التي ربما تصل الى التصفية الجسدية ولو كانت اقل وحشية ستكتفي بالفضائيات والمحاكم وطلب شراكة صريحة من اجهزة الدولة للحكم بين المتخاصمين وجمعهم على كلمة سواء ولو فرض واستطاعوا بناء تنظيم مؤسسي فلن يستمر طويلا لان الكيانات العاطفية تنهار وتذوب بالمؤسسية ولو كانت مؤسسية فاشلة او ضعيفة
خاتمة
اخرجوهم من السجون فانهم لن يعودوا مرة اخرى و ربما باستمرار سجنكم لهم تحولوا دون تفكك تنظيمهم و نهاية اسطورتهم
اخرجوهم لان كامل قوتهم الحقيقية خارج السجن و ما استطاعت ان تفعل شيئا بينما سجن 10% من افرادهم يعطيهم يقين اسطوري انهم لو تمكنوا لسووا الهوايل و ان ما باليد حيلة
اخرجوهم لان الشعب اسقطهم و هم بكامل عتادهم و في ذروة قوتهم بينما قوتهم تزداد تدريجيا بالمظلومية و الاضطهاد
اخرجوهم لانهم بشر و لهم حقوق و نحن كمجتمع معرض للانهيار اذا ما اسرفنا في التباغض و العداوة والكيد الطائفي و السياسي
اخرجوهم لاننا يجب ان نكون بشر
اعتذار : فقد قررت ان اكون نفسي في تلك السطور الطويلة لذا انا اعتبرها خاطرة في مدونتي و لا ارها مقال يناسب الصحف
تعليقات
إرسال تعليق