المصريين يحلمون بالعجل في بطن امه اكثر من حلمهم بالمهدي المنتظر
محاولة -غير منهجية- لفهم عقد ومخاوف المصريين
ملاحظات منعا لسوء التفاهم :- لفظ "المصريين" هنا اقصد بها غالبية من اعرف من المصريين ممن اعتبرهم المصريين العاديين مع استبعاد المصريين الفاسدين والمصريين الثوريين
- عوام الناس ربما لا يعبرون عن تلك المخاوف الوارد ذكرها بالخاطرة بذلك الوضوح لانها ليست واضحة لديهم ولكنها محاولة ذاتية مني -ليست موضوعية ولا منهجية- لتفسير مخاوف رجل الشارع المتناقض لفظيا وسلوكيا ووجدانيا وفكريا كما يحاول طبيب الاطفال تفسير شكوى طفل لا يستطيع ان يفرق في شكواه بين الغثيان والمغص
ندخل في الموضوع
المصريين يحبون الحرية ويخافون منها حيث ان لديهم شعور ان حرية ابنائهم وجيرانهم حتى وان لم تؤدي الى فوضى ولكنها ستكسر كل القيم التي اعتادوها وتربوا عليها وظني ان تلك المخاوف في جوهرها حقيقي وليست مفتعلة وان كان التعبير عن تلك المخاوف قد ياخذ اشكالا عصبية او هزلية او هوسية لكن جوهر المخاوف حقيقي
لان حرية الاختيار والتفكير والنقد معناها ان من حق اي فرد اعادة فرز كل قيم الجماعة والاقتناع او عدم الاقتناع بها كلها او بعضها وبالتالي اعادة فك وتركيب منظومة القيم
وماذا لو ان قناعات كل فرد اصطدمت بقناعات الاخرين وماذا لو اساء كل فرد استخدام حريته ستزداد الفوضى
وهنا ياتي دور القانون لحسم الفوضى والقانون هو العقدة الثانية في الترتيب لكنها الاكبر والاعظم والاعقد
المصريين يتمنون "لا يريدون ولكن فقط يتمنون" ان يعيشون في دولة قانون لكنهم يخافون ويكرهون القانون الذي يلزم ويجبر ويقوي سلطة من بيده التنفيذ وقد يزيده طغيانا وظلما
كما ان لكل قانون ضحايا في تطبيقه ده لو طبق بالعدل على الجميع فما بالنا ان كان من سيطبقه بشر مصري مثلهم له تحيزاته الطبقية والعائلية والاستلطافية والمزاجية حتى ان تنفيذ القانون يتاثر فعلا بعلاقة منفذ القانون بزوجته ومدى عاطفيتها او رخامتها معاه يوم التطبيق وساعة التطبيق "اكيد تنفيذ القانون يتاثر باخذ كيس الزبالة معاك وانت ماشي"
واذا ضمنا عدالة تطبيق القانون فمن يضمن عدالة التشريع ذات نفسه وان يكون الالتزام القانوني مقترن بضمانات ومميزات يكفلها القانون؟
ماذا لو شددت عقوبة المهمل في عمله بينما لم يغطيه مرتبه وتامينه الصحي وضمانه الاجتماعي حتى يستطيع التركيز في عمله
من يضمن التوازن التشريعي بينما التشريع في يد قلة حتى لو اتوا بدون تزوير فقد اخترناهم من بين البدائل الفقيرة المطروحة ممن يملكون القدرة والرغبة لخوض انتخابات بفرض نزاهتها فانها باهظة التكلفة لا يخوضها الا صاحب مال سواء كان حلال او حرام فقد اكتسبه في ظل اختلال الاوضاع "مدرس اكتسب ثروته من الدروس والملازم نتيجة انهيار الثقة في المدرسة والكتاب او طبيب اكتسب ثروته من الوضع الصحي المتردي في المستشفيات العامة او رجل اعمال ثروته ريعية تسقيعية او نتيجة مغامراته في البورصة او سلكانه وقدرته على التخليص"
فبفرض ان انتخابات التشريع كانت بالغة النزاهة ولكنها ستكون بين هؤلاء ممن اعتبر شريفهم مجرد فهلوي استفاد من اوضاع مختلة ربما لو صححت تلك الاوضاع لن تكون في مصلحته وكم في الدنيا من نبلاء استثنائيين على استعداد لتغيير مناخ نجحوا فيه واستبداله بمناخ اخر غالبا سيأتي بناجحين اخرين ربما لن يكونوا نبلاء ايضا في عالم لا يقوم على الاستثناءات البشرية
المصريين مهما طنطنوا بحضارة الاف السنين وذكاوة اطفالهم وفهلوة رجالهم وتدبير واصالة نسائهم ولكنهم يشعرون في اعماقهم ان مشهد محاكمة حسني الراقد على سريره داخل قفصه وامامه مئات من المحامين العبثيين الذين اختارهم اهالي الشهداء بمحض ارادتهم وقاضي شكله محترف لكنه محكوم بضوابط شبه القانون هذا المشهد وكأنه كابوس معبر جدا عن حوسة المصريين السودا
حتى ان اقرب الشخصيات الكوميدية عند المصريين هي الشخصية التي تدعي الاحترافية بينما تدرك في اعماق نفسها انها لا تملك اي شئ من الحيلة وانها قمة الغلب والمسكنة مهما ادعت عكس ذلك
بينما البطل "الهيرو" في مخيلة المصريين هو البلطجي الذي لا يلتزم باي نص ولكنه يحقق العدالة وفق هواه الذي هو اقرب لروح الرحمة والعدل من النصوص فارغة المضمون وللاسف كان للقوميين واليساريين نصيب وافر في ترسيخ تلك الصورة لدى المصريين وتكريههم في القانون واخافتهم منه وتبيان عجزه عن حمايتهم وابراز ان القانون ما هو الا اداه شكلها حلو لقمعهم عبر اعمال فنية كثيفة تحمل هذا المعنى بفجاجة بالغة الحد
وما كان من السيسي بعد 30يونيو سوى ان تمثل صورة البطل "الهيرو" اللي فاهم الزتونة الذي في مخيلة المصريين الذي يطلب منهم تفويض لانتهاك القانون المكتوب بغرض تحقيق العدل والرحمة لهذا الشعب الذي لم يجد من يحنو عليه في مقابل البرادعي "الاهبل من وجهة نظرهم" اللي ماشي في كل حتة عمال يتكلم على القانون في بلد اصلا بتثبت الملكية بوضع اليد وبالتحايل على الرسوم القانونية على البيع القانوني الرسمي
البطل "الهيرو" اللي جاي يحمينا من هبلنا وسوء اختيارنا
وحتى ولو سقط البلطجي او اختفى او استبدل دون النفاذ الحكيم العاقل المباشر نحو اماني المصريين ومخاوفهم ومعالجتها وطرح نسق فكري عميق ومقنع للمثقف ويسهل فهمه بعمق من العوام في صورة نكات وامثال وخلفيات تكاتك فان شئ لن يتغير على الارض وسيظل الجميع في رحلة الحلم بالبلطجي الكفء الذي يحقق العدل عبر انتهاك القانون
بفن ومعلمة وفرض اوضاع مزاجية يمكن التفاوض معها ويخدنا بالحنين من غير ما يلزمنا جامد وفي نفس الوقت يحقق مصالحنا من غير ما يوجع قلبنا ..
تقدر كده تقول ان المصريين يحلمون بالعجل في بطن امه اكثر من حلمهم بالمهدي المنتظر او التغيير الحقيقي المبني على الديموقراطية وحقوق الانسان والعلم والكفاح الجاد
سيستم جديد, السيستم واقع, السيستم راجع, السيستم لازم يرجع,
تعليقات
إرسال تعليق